كتاب الطهارة

كتاب الطهارة

তদারক

لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم

প্রকাশক

كنگره جهاني بزرگداشت شيخ اعظم انصاري

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

১৪১৫ AH

প্রকাশনার স্থান

قم

بسم الله الرحمن الرحيم (*) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين (*) من هنا يبتدئ كتاب الطهارة للشيخ الأعظم قدس سره الشريف، ولم يتعرض لشرح ما تقدم من متن الشرائع، وإنما أوردناه إتماما للفائدة،

পৃষ্ঠা ৬৬

(الأول) (في الماء المطلق) (هو) من أوضح المفاهيم العرفية، إلا أن تعريف المصنف قدس سره.

كغيره له بأنه: أما يستحق (1) إطلاق اسم الماء عليه من غير إضافة) لأجل الإشارة إلى امتياز أفراده من أفراد غيره عند الاشتباه، وأن المائز كون الماء حقيقا بإطلاق الاسم المجرد عليه، بمعنى بطلان سلبه عنه، فتقييده - أحيانا - لبيان الفرد، لا لقبح الاطلاق.

ثم لو شك في تحقق الضابط المذكور - للشك في الصدق أو المصداق - عمل بالأصول.

(وكله طاهر مزيل للحدث والخبث) مع اجتماع شروط مفصلة في محالها.

ولو شك في شئ منها عمل على أصالة العدم، بناء على عدم ثبوت

পৃষ্ঠা ৬৭

عموم يرجع إليه، عدا إطلاق قوله عليه السلام في رواية السكوني: " الماء يطهر ولا يطهر " (1) ولا عموم له من حيث حذف المتعلق، لوروده في مقام الاهمال في مقابل السلب الكلي المستفاد من قوله: " ولا يطهر " كما في قولك: " زيد يحكم ولا يحكم عليه ويعطي ولا يعطى " بل ولا من. حيث كيفية التطهير بالماء، لعدم سوقه لبيان ذلك.

نعم، لو ثبت الأمر الأول أمكن دعوى كون كيفية التطهير بالماء مبينة عند العرف، وحصوله عندهم بغلبة الماء على المحل القذر بحيث يزيل عين القذارة عن المحل القذر. وأما طهارة المائعات النجسة بالاستهلاك فيه، ففي عده تطهيرا في العرف تأمل.

هذا كله حكم الماء بحسب أصل الخلقة (و) أما حكمه (باعتبار وقوع النجاسة فيه) فيظهر بعد أن (ينقسم إلى) ثلاثة أقسام: (جار ومحقون وماء بئر).

وتثليث الأقسام بماء البئر عند القدماء واضح، وأما عند غيرهم فباعتبار بعض الأحكام المختصة به بعد وقوع النجاسة فيه.

পৃষ্ঠা ৬৮

(القسم الأول) [الماء الجاري] (أما الجاري) وهو: السائل عن مادة، لا النابع مطلقا، ولا السائل كذلك، خلافا في الأول لصريح شيخنا الشهيد الثاني قدس سره (1) وظاهر جماعة (2) من جعل النابع مطلقا محكوما عليه بحكم الجاري مع حصر الماء في الأقسام الثلاثة، فيكون وصفه بالجريان للغلبة، أو لجريان الاصطلاح عليه.

وفيه: أن الغلبة لا توجب مخالفة العرف واللعنة، خصوصا في مقام حصر الأقسام.

وأما جريان الاصطلاح، ففيه: أن عبارات أكثر من تقدم على

পৃষ্ঠা ৬৯

المحقق الثاني - كالمقنعة (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) والغنية (4) والوسيلة (5) والكافي (6) وشرح المجمل (7) والمعتبر (8) وأكثر كتب العلامة رحمه الله والدروس (10) - ظاهرة بملاحظة عنواناتهم واستدلالاتهم على دفع النجاسة ورفعها عن الجاري في اعتبار السيلان، فلاحظ.

وأما ما ذكر من أن النابع غير البئر عندهم بحكم الجاري، فلم يعلم ذلك من المشهور، فيحتمل أن يكون عندهم في حكم البئر، وهو ظاهر المحقق (11) حيث حكم بعدم تطهير القليل بالنبع من تحته، معللا بأن النابع ينجس بالملاقاة، وجعله كاشف اللثام (12) أوضح الاحتمالين.

وفي المقنعة (13) - كما في التهذيب (14) - انفعال القليل من الغدير النابع وتطهيره بالنزح وعدم انفعال الكثير منه، بل في مفتاح الكرامة (15) عن

পৃষ্ঠা ৭০

المحقق البهبهاني: أن النابع الراكد عند الفقهاء في حكم البئر.

لكن الانصاف: أن دخول هذا القسم في الجاري أشبه بكلماتهم من دخوله في البئر، وأبعد منهما كونه قسما ثالثا، لكنه غير مجد بعد اختصاص أدلة أحكام الجاري عرفا ولغة بالسائل.

نعم، لو ثبت حكم لذي المادة عموما تعين جريانه فيه، كما أنه لو قلنا بدلالة صحيحة ابن بزيع (1) - الآتية في حكم ماء البئر - على عدم انفعال مطلق ذي المادة بما عدا التغيير أو على ارتفاع النجاسة الحاصلة من التغيير عنه بمجرد زواله مطلقا أو باختلاطه بما يخرج من المادة وكذا لو ثبت طهارة ماء البئر، أمكن إلحاق هذا الفرد به بالاجماع المركب وإن لم يكن بئرا.

أما طهارته على تقدير النجاسة بالنزح، فلم يثبت الالحاق فيه، وإن جزم به بعض المعاصرين (2) نافيا عنه الريب، لكنه مستند في ذلك إلى عموم لتعليل بالمادة في صحيحة ابن بزيغ، لا إلى عدم التفصيل بينه وبين البئر.

وأما كفاية مطلق السيلان ولولا عن مادة، فهو المحكي عن بعض متأخري المتأخرين (3) مستندين إلى صدق الجاري على المياه الجارية عن ذوبان الثلج خصوصا إذا لم ينقطع في السنة.

ويرده أن الاطلاق مجاز، لمشابهة تلك المياه بمياه الشطوط النابعة، ولذا لا يطرد عرفا في كل ما تلبس بالجريان ولو كان قليلا، للقطع بصحة سلب " الجاري " عن الماء المنصب من الكوز وغيره من الآنية، ولذا جعل في

পৃষ্ঠা ৭১

الأخبار ماء الحمام إذا كانت له مادة بمنزلة المجاري (1) مع أنه جار من المادة حقيقة.

ومنه يظهر: أن توصيف ماء الحمام في بعض أخباره بالجريان باعتبار المعنى اللغوي.

وقد أغرب بعض من انتصر [ل‍] - هذا القول (2) حيث استدل برواية الميزابين الجاريين أحدهما بول والآخر ماء المطر (3) نظرا إلى شموله لماء المطر بعد انقطاعه.

ثم لو شك في صدق الجاري لأجل الخلاف في كفاية مجرد النبع أو السيلان، أو لخفاء صدق النبع - المفسر عن جماعة بالخروج من عين (4) - عمل بعمومات أحكام القليل والكثير أو البئر.

وقد يمنع شمول الأولين، لأن المتيقن منهما ما لم يكن له مادة، فيبقى المشكوك تحت عمومات عدم الانفعال إلا بالتغير، وكذا شمول الثالث، لمنع صدق " البئر " أو انصرافه، ولذا حكى في الحدائق عن والده: عدم تطهير مثل هذه الآبار بالترح، بل بإلقاء الكر (5).

والأخير حسن مع الشك في الصدق، أو الانصراف، أو عدم عموم صحيحة ابن بزيع - الآتية - لجواز تطهير كل ذي مادة بالنزح.

والأول ممنوع جدا، للاطلاق - بل العموم - في تلك الأدلة، ولم يخرج

পৃষ্ঠা ৭২

منه إلا الفرد المتيقن من الجاري.

" ف‍ " هو الذي اختص عند المشهور بأنه " لا ينجس " كثيره ولا قليله بمجرد الملاقاة، بل ادعى الاجماع على عدم الفرق صريحا في الغنية (1) وشرح الجمل للقاضي (2) وكالصريح في المعتبر (3) وظاهرا كما عن ظاهر الخلاف (4) وحواشي التحرير للمحقق الثاني (5) ومصابيح العلامة الطباطبائي (6).

واستدل عليه (7) - تبعا للخلاف والتهذيب - بما دل على نفي البأس عن البول في الماء الجاري (8).

وبصحيحة ابن مسلم الواردة في الثوب الذي يصيبه البول: " وإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة " (9) بناء على أنه يشترط في الغسل بالماء المنفعل بالملاقاة ورود الماء على النجاسة، وظاهر الصحيحة إيراد الثوب على الجاري.

وأن ماء الحمام بمنزلة المجاري (10) فإنه ظاهر في خصوصية لمطلق الجاري على غيره.

পৃষ্ঠা ৭৩

وكذا قوله عليه السلام: " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (1) بناء على شموله للنهر الصغير.

وصحيحة ابن بزيع: " ماء البئر واسع لا يفسده شئ، إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لأن له مادة " (2) بناء على أن التعليل إما راجع إلى الفقرة الأولى فيدل على عدم انفعال كل ذي مادة بما عدا التغير، وإما راجع إلى الفقرة الثانية فيدل على أن كل ذي مادة متغير ترتفع نجاسته بزوال تغيره بتجدد الماء عليه من المادة، بل بمطلق الزوال، وهذا لا يجتمع مع انفعال قليله بالملاقاة.

ولو عورضت هذه بظواهر انفعال الماء القليل لزم على تقدير التكافؤ الرجوع إلى عموم " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير..

الخ "، (3) وخصوص المرسل المحكي عن نوادر الراوندي " الماء الجاري لا ينجسه شئ " (4) وعن دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في الماء:

الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم: " يتوضأ ويشرب، وليس ينجسه شئ:

ما لم يتغير أوصافه، طعمه ولونه وريحه " (5) وصريح المحكي عن الفقه الرضوي (6) المنجبر جميع ذلك بما عرفت، مضافا إلى استصحاب الطهارة وقاعدتها.

وقد يضاف إلى ذلك أيضا: عدم الخلاف ظاهرا في أن طريق تطهير

পৃষ্ঠা ৭৪

الجاري المتغير بتكاثر الماء من المادة عليه، والنابع تحتها لا يبلغ الكر غالبا، الصبر إلى أن يبلغه لا يجدي، كما لا يخفى.

وفي أكثر هذه الوجوه نظر، لقصورها دلالة أو سندا، لولا الاجماعات المعتضدة بالشهرة.

أما أخبار نفي البأس عن البول في المجاري: فلورودها في حكم البول في الماء، لا الماء بعد البول، بل الرواية ساكتة عنه. كما أن قوله عليه السلام في بعض هذه الأخبار - بعد قوله: لا بأس أن يبول الرجل في الماء الجاري -:

وكره أن يبول في الماء الراكد " (1) لا ينافي انقسام الماء الراكد الذي يبال فيه إلى ما ينفعل وإلى ما لا ينفعل.

والإنصاف: أن الظاهر من الماء الجاري والراكد في هذه الأخبار ما لا ينفعل، وأن الحكم بالكراهة بعد فرض عدم انفعالهما. نعم، لو تمسك برواية سماعة " عن الماء الجاري يبال فيه، قال: لا بأس به " (2) لم يخل من وجه، بناء على ظهورها في السؤال عن الماء، لا عن البول فيه، فتأمل.

وأما صحيحة ابن سرحان: " إن ماء الحمام بمنزلة الجاري " (3) فهي أدل على خلاف المطلب، بناء على اشتراط بلوغ المادة المعتبرة في ماء الحمام - ولو بضميمة ما في الحياض - كرا، لأن مقتضى التنزيل تساوي الشيئين في الحكم.

نعم، لو قيل: إن ماء الحمام بعد تقييده بالكرية نازل منزلة مطلق الجاري، لثبت به المطلوب. لكنه خلاف ظاهر إطلاق اللفظ، ودليل اشتراط

পৃষ্ঠা ৭৫

الكرية في ماء الحمام لا يوجب ملاحظة التقييد فيه في هذا التنزيل، بل لا وقع للتنزيل بعد أخذ الكرية فيه، فكأنه قال: " الكر بمنزلة الجاري "،.

فالانصاف: حمل الرواية - بناء على اعتبار الكرية في ماء الحمام - على تنزيله بمنزلة الجاري في تجدد الماء النظيف منه تدريجا، فترتفع القذارة المتوهمة من ملاقاة بعضه للنجاسة، فإن الماء الراكد - ولو كان كرا - مورد لتوهم استقرار القذارة المتوهمة من الملاقاة فيه، فهذا التنزيل لدفع ما في النفس من الاستقذار الناشئ من ملاقاة النجاسات، فليس الكلام مسوقا لبيان حكم الجاري من حيث اعتبار الكثرة فيه وعدمه.

ومنه يعلم عدم صحة الاستدلال برواية ابن أبي يعفور المرسلة: " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (1) فإن السؤال فيها عن حكم ماء الحمام مع اغتسال اليهودي وشبهه فيه، فالمراد بالتطهير فيه: إما رفع القذارة المتوهمة منه من الملاقاة، وإما دفع القذارة الشرعية واعتصامه عن الانفعال فالمراد بالتطهير حفظ الطهارة، كما في آية التطهير (2) وآية تطهير مريم (3)، لا رفع النجاسة المتحققة.

وأما ما ذكره بعض الفحول (4): من أن المراد الرفع ويعلم حكم السؤال - أعني الدفع - من الفحوى، فما يأباه الذوق السليم، مع أن رفع النجاسة المتحققة في بعض النهر أو بعض ماء الحمام لا يكون بأي بعض وعلى أي وجه - على ما هو ظاهر عموم الرواية - بخلاف دفعها، فإن كل

পৃষ্ঠা ৭৬

بعض منه معتصم بالبعض الآخر.

ومنه يظهر أن الرواية أدل على خلاف المطلوب، حيث إن ظاهرها اعتصام ماء النهر بعضه ببعض لا بالمادة، فيدل على اعتبار كثرته في اعتصامه، وأيضا فمقتضى المماثلة المساواة من الطرفين، ومن المعلوم: أن رفع النجاسة المتحققة في ماء الحمام لا يكون إلا بالمادة البالغة كرا فمقتضى المماثلة اعتبار ذلك في الجاري إذا تنجس بعضه، وهذا عين مذهب العلامة في الجاري (1).

هذا، مع أن في اختصاص لفظ " النهر " بالنابع ثم في شموله لما دون الكر تأملا أو منعا.

وأما صحيحة ابن بزيع (2): فيحتمل فيها رجوع التعليل إلى ترتب ذهاب الريح وطيب الطعم على النزح، لأن هذا الترتيب (3) مستند إلى المادة، فيكون - كما ذكره شيخنا البهائي في الحبل المتين (4) - بمنزلة قول الرجل:

" لازم غريمك حتى يوفيك حقك، فإنه (5) يكره ملازمتك " ودعوى ظهوره في الرجوع إلى ما ذكر في الاستدلال عرية عن الشاهد.

وأما ما ذكر في طريق تطهير الجاري إذا تنجس (6): فهو شئ لم يذكره عدا من نص على عدم انفعال القليل من الجاري بالملاقاة، فلا يكون فيه حجة على من خالفهم.

পৃষ্ঠা ৭৭

نعم، قد ذكره العلامة أيضا في المنتهى (1) مع قوله بانفعال قليل الجاري ولا بد من حمل كلامه على ما إذا علم كرية الطاهر الغالب على المتنجس المتغير ولو بضميمة ما في المادة، فإن الظاهر أنه يكفي عند مشترط الكثرة في الجاري بلوغه مع ما في المادة كرا لكن عليه أن يراعي ما يعتبر في اعتصام الكر من تساوي سطح الماء أو كون العالي كرا.

وأما صحيحة ابن مسلم (2): فالاستدلال بها مبني على الفرق بين الورودين، وسيأتي الاشكال فيه، مع أنها على تقدير التسليم - كالمحكي عن النوادر والدعائم والرضوي (3) - معارضة بإطلاق أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة، والتقييد في إطلاقات الجاري اخراج للفرد النادر، لأن ما لا يبلغ مع ما في المادة بل بنفسه كرا قليل، بخلاف تقييد الماء بغير الجاري في أدلة إناطة الاعتصام ، فإنه اخراج للفرد المتعارف.

ودعوى: أن الخارج عن أحد الاطلاقين هو الجاري القليل - ولا يتفاوت الحال بين خروجه عن إطلاقات المجاري أو عن تلك الاطلاقات - مدفوعة: بأن الخارج من أدلة إناطة الاعتصام بالكثرة - في مثل قوله عليه السلام بعد السؤال عن الماء الذي لا ينجسه شئ: " إنه الكر من الماء (4) وقوله: " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ " (5) ونحو ذلك - هو مطلق الجاري، فيكون المقسم في هذه الأدلة هو الماء الراكد، وهذا أبعد من

পৃষ্ঠা ৭৮

تقييد الجاري بما يبلغ الكره كما لا يخفى على المنصف.

هذا، مضافا إلى شهادة الاعتبار بأن المعيار في عدم تأثير النجاسة في الماء هي غلبة الماء واستهلاكه لها، والنبع عن مادة لا دخل له في ذلك. لكن يوهن هذا الاعتبار ملاحظة حكم ماء المطر، فتأمل.

وأما ما ذكر (1) من الرجوع إلى عموم " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ " وأنه المرجع بعد التكافؤ (2) فهو مبني على عدم كون الانفعال من مقتضيات نفس الملاقاة وكون الجريان كالكرية عاصما مانعا من النجاسة.

لكن فيه تأمل، من ظهور قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه... الخ " (3) في أن الماء بنفسه غير قابل للانفعال، خرج من ذلك الراكد حيث دلت أدلة الكرية على أن اعتصامه وعدم انفعاله لأجل كريته لا لنفسه، ومن ضعف الرواية، فيجب العمل بمقتضى أدله الكرية الظاهرة في كون الماء بنفسه قابلا للأفعال بالملاقاة إلا إذا كان كرا، فإن الكرية توجب عدمه.

ومنه يظهر عدم التكافؤ الموجب للرجوع إلى الأصل.

ثم إن الشهيد قدس سره. قال في الدروس: ولا يشترط فيه - أي في الجاري - الكرية على الأصح، نعم يشترط دوام النبع (4)، انتهى. ولم يتضح لمن تأخر عنه مقصوده من " دوام النبع " لأن ظاهره غير مراد قطع،

পৃষ্ঠা ৭৯

فيحتمل: أن يحترز بذلك عن العيون التي تجري في الشتاء وتجف في الصيف وأن يحترز به عن مثل الآبار، حيث إنها تنبع حتى يعلو الماء إلى مقابل النبع فيقف، فإذا نقص منه أخذ في النبع.

وأن يحترز به عما ينقطع زمانا لعارض - من سد المادة ونحوه - فيعتبر الجريان حين ملاقاة النجاسة.

وأن يحترز به عن العيون الصغار التي ترشح آنا فآنا بحيث لا يتصل نبعه والقابل للإرادة والمحتاج إلى البيان هو الاحتمال الثاني، فتكون العيون الراكدة عنده غير ملحقة بالجاري، ويكون الجريان فعلا معتبرا. وهو الحق على تقدير عدم اعتبار الكرية، لأنه المتيقن من الأدلة السابقة ومن معقد الشهرة والاجماعات المتقدمة، لما عرفت أن الجاري عندهم هو السائل عن نبع.

نعم، لو كان مدرك المحكم صحيحة ابن بزيغ عم الحكم لمطلق ذي المادة بشرط اتصاله بها.

وكيف كان: فالجاري لا ينجس (إلا باستيلاء) أثر عين (النجاسة) ولو في ضمن متنجس، على ما هو الغالب من تغير الجزء البعيد من الماء بالجزء القريب المتغير بعين النجاسة الواقعة فيه، بل ولو لم يقع في الماء إلا المتنجس المتغير بعين النجاسة، كالماء المتلون من الدم.

ودعوى: عدم شمول الأخبار لذلك واختصاصها بما إذا وقع عين النجاسة فغيرته ولو بالواسطة، يدفعها أن المناط تغير الماء بأثر النجاسة، لا تغيير عين النجاسة للماء، كما يشهد به صحيحة ابن بزيع: " يفسده شئ

পৃষ্ঠা ৮০

إلا أن يتغير ريحه أو طعمه " (1) وصحيحة حريز: " كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ واشرب، وإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب) (2).

واحترز (3)، بعين النجاسة عن أثر المتنجس، فإنه لا يوجب الانفعال، لظهور الأدلة في الاختصاص، فإن ظاهر " الشئ " في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:

" لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه " (4) هو نجس العين، لأن المتنجس إنما ينجس ما يلاقيه بواسطة نجس العين، مع أن بعض الأخبار مشتمل على القرينة لذلك، مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن بزيع: " لا يفسده شئ إلا ما غير لونه أو طعمه، فينزح حتى يطيب الطعم " [ويذهب اللون (5) فإن طيب الطعم] (6) قرينة على إرادة نجس العين من الموصول (7).

وظاهر المبسوط (8) والمعتبر (9) والتحرير (10) أن المضاف المتنجس إذا

পৃষ্ঠা ৮১

اختلط بالماء المطلق الكثير وبقي أحد أوصاف المضاف لم يطهر. واستفيد من ذلك حكمهم بأن المتغير بالمتنجس ينجس. وفي الاستفادة تأمل. لكن هذا القول مشهور عن الشيخ.

وكيف كان: فيكفي في الحكم بالطهارة أصالة عدم الانفعال.

ولو عورضت في بعض الموارد - كما إذا التي مائع متنجس في الماء - بأصالة بقاء نجاسته، رجع بعد التساقط إلى قاعدة طهارة الماء، كما في الماء - المتنجس (1) المتمم كرا بطاهر.

ثم إن الانفعال بالاستيلاء، (على أحد أوصافه) المعهودة في النص والفتوى - وهي الطعم والريح واللون - مما لا ريب ولا خلاف فيه، والأخبار بالأولين متواترة (2) وفي الثالث مستفيضة (3) وإن تأمل فيه بعض (4) لعدم عثوره فيه على خبر صحيح.

وفيه: أن غير الصحيح قد يبلغ بالجبر مرتبة الصحيح، فيكفي ما تقدم عن دعائم الاسلام (5) مضافا إلى غيره.

ففي الصحيح المحكي عن بصائر الدرجات بسنده عن شهاب بن عبد ربه، قال: " أتيت أبا عبد الله عليه السلام أسأله، فابتدأني فقال: إن شئت فاسأل يا شهاب وإن شئت أخبرناك بما جئت، قال: قلت: أخبرنا جعلت

পৃষ্ঠা ৮২

فداك - وساق السائل إلى أن قال - جئت تسألني عن الماء الراكد الغدير يكون فيه الجيفة أتوضأ منه أو لا؟ قال: نعم، قال: توضأ من الجانب الآخر، إلا أن يغلب على الماء الريح فينتن، وجئت تسألني عن الماء الراكد من البئر، قال: فما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة. قلت: فما التغير؟ قال: الصفرة، فتوضأ منه، وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر... الخبر " (1). وذكر خصوص الصفرة لبيان اللون الحاصل من الجيفة.

وفي رواية العلاء بن فضيل عن الحياض يبال فيها؟ قال: " لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول (2) وليس فيه إلا محمد بن سنان، وقد ذكر بعض المتأخرين (3) قرائن الاعتماد على روايته، مثل رواية الأجلاء عنه، خصوصا صفوان الذي لا يروي إلا عن ثقة، مع انجبار الضعف - على تقديره - بالاجماعات المستفيضة.

وما دل على الانفعال بمطلق التغير، ففي رواية أبي بصير عن الماء النقيع تبول فيه الدواب، فقال: " إن تغير الماء فلا توضأ منه، وإن لم يتغير بأبوالها فتوضأ منه، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه " (4).

ثم إن مقتضى إطلاق بعض الأخبار وإن كان كفاية مطلق التغير - ولو بالمجاورة - مثل صحيحة ابن بزيع: " ماء البئر واسع لا يفسده شئ

পৃষ্ঠা ৮৩

إلا أن يتغير ريحه أو طعمه " (1) وغيرها، إلا أن الظاهر منها ومن غيرها وقوع الاستثناء عما يلاقي الماء لا عن كل شئ، فإن الظاهر المتبادر المركوز في أذهان المتشرعة من قول القائل: " هذا ينجس الماء أو الثوب " حصول ذلك بالملاقاة، ولذا لم يحتمل أحد في مفهوم " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " (2) حصول الانفعال للقليل بمجاورة النجاسة.

ولو خرج بعض الجيفة عن الماء وعلم استناد التغير إلى مجموع الداخل والخارج، فالظاهر انفعاله، لصدق تغيره بما وقع فيه. ولو شك في استناده إلى خصوص أحدهما، فالأصل الطهارة.

ولا عبرة بغير الأوصاف الثلاثة (3)، للاجماع الظاهر المصرح به في محكي الدلائل (4) وشرح المفاتيح (5) واستظهر من كل من اقتصر في معقد إجماعه على الأوصاف الثلاثة، مضافا إلى الحصر المستفاد من عموم الأخبار المتضمنة لبيان الثلاثة أو بعضها.

ولو تغير ما لا ينفعل بالملاقاة - كالسطح العالي المتغير بسبب وقوع النجاسة الصغيرة في السافل - فني انفعاله، للعمومات (6) وعدمه، لأن الظاهر أن التغير إنما ينجس ما يقبل الانفعال لو كان قليلا، والعالي ليس كذلك - فكأنه تغير بالمجاورة - وجهان: أقواهما الأول، بناة على صدق الماء

পৃষ্ঠা ৮৪

واحد على المجموع، وعدم انفعال بعضه العالي بملاقاة السافل للنجاسة إنما هو بإجماع، فتأمل.

ثم اعلم أن المراد من صفة الماء المتغيرة أعم من صفة نوعه، أعني اللون والطعم والريح الثابتة لطبيعة الماء، وإن كانت طبيعته خالية عنها أو عن بعضها، لكن المراد بصفاتها الطبيعية مقابل الصفات العارضة له، ومن صفة صنفه كماء النفط والزاج والكبريت، ومن صفة شخصه كالماء الأحمر، فإذا زالت حمرته بسبب ملاقاة عين النجاسة وصار ماء صافيا فالأظهر نجاسته، الحصول التغير عرفا، فإن هذا الصفاء هو صفاء النجاسة الواقعة فيه كالبول الصافي مثلا.

خلافا لبعض (1) فلم يعتد بالصفات العارضية للماء، فزوالها بالنجاسة " لا يوجب عنده تغيره بها حتى ينجس، ووجودها لا يمنع من تنجس الماء بالنجاسة إذا كانت مغيرة له لولا هذه الصفات، كما سيأتي منه (2).

والأظهر عندنا أن المستفاد من الأخبار إناطة نجاسة الماء بظهور أثر النجاسة فيه الموجب للتغيير والاستقذار وإن كان بإزالة صفاته العارضة، وإناطة طهارته بعدم ظهور أثر النجاسة ولو للمانع العارضي فيه، كما لو فرضت مثل الحناء الذي لونه أخر قبل الرطوبة وأحمر بعدها، ومن وذلك ما لو وقعت على لون فأحدث لونا آخر، كما إذا وقع لون الزرقة على الصفرة فيصير أخضر، فإن هذا المحسوس هي الزرقة القائمة بجسم أصفر.

ومن هذا القبيل الصفرة الحاصلة للماء من قليل الدم، فإن لوني المحمرة

পৃষ্ঠা ৮৫