ة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد
فخير إجابة لهذا أن يقال له: أصلح معدتك أو كبدك أو أعصابك تر أن في الدنيا ما يسر، وأن فيها ما يحبب الحياة.
إن تضخما قليلا في بعض غدد المخ يجعل من الصعب على الإنسان أن يعبر عن فكره، وصدمة لموضع من مواضع المخ تجعل الإنسان معتوها، واختمارا في المعدة يحول كل جميل سار في الحياة إلى قبيح مؤلم، وأخذ ملعقة من دواء يزيل هذا الإختمار يحول العالم في نظره إلى ما كان عليه من بهجة وسرور.
كان «كارليل» ممعودا، فقال صديق له مساء يوم مشيرا إلى السماء: ما أجمل هذا المنظر! إنه يبعث الحكمة إلى نفس الإنسان، فأجابه «كارليل»: إنه لا يبعث عندى إلا الأسف والحزن وقال مرة: «إن تسعة أعشار بؤسي وأكثر من تسعة أعشار أخطائي يرجع إلى اضطراب معدتي» ومثل ذلك كثير، مما يدل على ما لحالة البدن من تأثير كبير في العقل والخلق.
إزاء هذا كان واجبا على الإنسان السعي في أن يكون صحيحا وقويا، وذلك بأن يتخير من العادات في أكله وشربه وتنفسه واستحمامه وعمله ما يؤثر أثرا حسنا في صحته، وألا يفرط في غذاء عقله على حساب جسمه.
يقول بعضهم: «من مرض فقد أجرم» وهذا صحيح في كثير من الأحيان، لأن كثيرا من الأمراض يمكن اتقاؤه باعتياد النظافة والإعتدال في المأكل وانتظام المعيشة ونحوها، كما أن كثيرا من الأمراض يمكن الوقوع فيها باعتياد أضدادها.
الناحية العقلية:
يخرج الإنسان إلى هذا العالم جاهلا بكل شيء ثم يتعلم ما استفادته الأجيال قبله بتجاربهم وممارستهم للعالم الذي حولهم، وأمام كل إنسان طائفة كبيرة من الحقائق ينبغي أن يتعلمها.
وأول ما ينبغي أن يتعلمه تمرين حواسه حتى يكون ما تدركه صحيحا، فإن المواد الأولى للمعلومات إنما تأتي من طريق الحواس - السمع والبصر والشم والذوق واللمس ونحوها - فيجب أن يكون إدراكنا الذي ينشأ عنها صحيحا، ولا يكون ذلك إلا بتمرينها وتعويدها أن تكسبنا المعلومات الحقة من نفسها لا من طريق التلقين - يجب أن يمرن الإنسان حواسه حتى يعرف بالتقريب طول الحجرة إذا نظر إليها، ووزن الشيء إذا وضعه في يده، وكم ميلا مشى، وما منزلة الصوت في القوة والضعف، وأن يكون دقيق الملاحظة فيعتاد إذا نظر إلى شيء ثم غاب عنه أن يعرف أوصافه حتى يستطيع أن يحدثك عنه في جلاء ووضوح - كل هذه الأمور تفيد عقله فائدة كبيرة، لأن كثيرا من الأخطاء العقلية ناشئ من الخطأ في المعلومات الحسية، وهذه ناشئة من إهمال الحواس وعدم تمرينها في مبدأ الحياة.
إن كسب الإنسان معلوماته بنفسه من طريق حواسه أولا ثم من طريق عقله ثانيا خير من معلومات يجمعها من الكتب من غير اختبار شخصي.
অজানা পৃষ্ঠা