بالذوق لم تحصل بالتعليم. والواجب التصديق بها حتى لا تحرم شعاع سعادتهم، وهو من عجائب القلب. ومن لم يبصر لم يصدق، كما قال ﷾: (بَل كَذَّبوا بِما لَم يُحيطوا بِعِلمِهِ وَلَمّا يَأتِهِم تَأويلُهُ)، وقوله: (وَإِذ لَم يَهتَدوا بِهِ فَسَيَقولونَ هَذا إِفكٌ قَديم) .
فصل من طلب وجد
ولا تحسب أن هذا خاص بالأنبياء والأولياء؛ لأن جوهر ابن آدم في أصل الخلقة موضوع لهذا كالحديد لأن يعمل منه مرآة ينظر فيها صورة العالم، إلا الذي صدأ فيحتاج إلى إجلاء، أو جدب فيحتاج إلى صقل أو سبك لأنه قد تلف.
وكذلك كل قلب إذا غلب عليه الشهوات والمعاصي لم يبلغ هذه الدرجة وإن لم تغلب عليه تلك الدرجة، كما قال النبي ﷺ: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة)، وقال الله تعالى: (وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى) . وكذلك بنو آدم في فطرتهم التصديق بالربوبية كما قال ﷾: (فِطرَتَ اللَهِ الَّتي فَطَرَ الناسَ عَلَيها)، والأنبياء والأولياء هم بنو آدم، قال ﷾: (قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم) .
فكل من زرع حصد، ومن مشى وصل، ومن طلب وجد، والطلب لا يحصل إلا بالمجاهدة: طلب شيخ بالغ عارف قد مشى في هذا الطريق وإذا حصل هذان الشيئان لأحد، فقد أراد الله له التوفيق والسعادة بحكم أزلي حتى يبلغ إلى هذه الدرجة.
1 / 138