أمنريدس
وأحس أحمس لدى انتهائه من قراءة الرسالة طعنة نجلاء تصيب قلبه، وأن الأرض تميد تحت قدميه، ولاحت منه نظرة إلى حور فرآه ينعم النظر كأنه يحاول أن يعرف الرسالة بمطالعة وجهه.
فتحول عنه وسار في سبيله محزونا كسير الفؤاد، يقول لنفسه هيهات أن تدري بما يمنعه من العودة إليها، وهيهات أن يستطيع يوما أن يبثها شجوه وعواطفه، وسترى فيه دائما القزم فاقد الوفاء.
وانطوى على آلامه لا يحس ما يستعر في فؤاده سوى أقرب الأفئدة إليه: نيفرتاري، وقد تحيرت من أمره وعجبت لما يكمن وراء ذهوله وشروده، ونظرة الحزن التي تلوح في عينيه الجميلتين كلما أرسل النظر غير قاصد شيئا.
فقالت له ذات مساء: لست كعهدي بك يا أحمس.
فاضطرب لملاحظتها، وداعب ضفائرها بأنامله وقال مبتسما: إنه التعب يا حبيبتي، ألا ترين ما نحن فيه من كفاح يهد الجبال الرواسي؟
فهزت رأسها ولم تقل شيئا، وغدا الشاب أشد حذرا.
على أن نباتا لم تكن لتترك إنسانا يغرق في حزنه، لأن العمل قاهر الأحزان وقد شهدت من معجزاته ما لم تشهد من قبل ولا من بعد، فكانت تدرب الرجال، وتصنع السفن والعجلات والسلاح، وترسل القوافل محملة بالذهب فتعود محملة بالرجال، ثم تردها فترتد إليها، ومضت الأيام والشهور الطوال إلى أن جاء اليوم السعيد المرتقب، فقصد الملك كاموس إلى جدته توتيشيري، وهو لا يتمالك من الفرح، ولثم جبينها وقال بصوت متهدج: أبشري يا أماه، لقد تم إعداد جيش الخلاص!
2
ودقت طبول الرحيل فانتظم الجيش فرقا ورفع الأسطول مراسيه، ودعت توتيشيري إليها الملك وولي العهد وكبار القواد والضباط وقالت لهم: هذا يوم من الأيام السعيدة التي طال انتظاري لها، فأبلغوا جنودكم البواسل أن توتيشيري تضرع إليهم أن يفكوا أسرها، ويحطموا الأغلال التي تغل أعناق مصر جميعا، وليكن شعاركم جميعا أن تحيوا حياة أمنمحيت أو تموتوا ميتة سيكننرع، وليبارككم الرب آمون وليثبت قلوبكم!
অজানা পৃষ্ঠা