খুরাফা: একটি খুব ছোট পরিচিতি
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
الأسطورة والدين
يستدعي تناول الأسطورة في نطاق مجال الدراسات الدينية إدراج الأسطورة تحت الدين، ومن ثم تعريض الأسطورة للرفض الذي يلقاه الدين من العلم. وقد سعت نظريات القرن العشرين المشتقة من الدراسات الدينية إلى التوفيق بين الأسطورة والعلم من خلال التوفيق بين الدين والعلم.
ولقد كان هناك استراتيجيتان رئيستان للتوفيق بين كليهما؛ تمثلت الأولى في إعادة توصيف موضوع الدين ومن ثم الأسطورة. فمما قيل أن الدين لا يدور حول العالم المادي، وهو ما يجعل الدين في هذه الحالة في مأمن من أية تعديات عليه من جانب العلم. وبينما تعتبر الأساطير التي جرى تحليلها وفق هذا الأسلوب في تناول الدين أساطير تقليدية - مثل أساطير الكتاب المقدس والأساطير الكلاسيكية - فإنها تفسر في الوقت الحالي رمزيا وليس حرفيا. ومن المزاعم الحالية أن الأسطورة كانت تتعارض مع العلم؛ لأنها لم تفسر تفسيرا صحيحا. ويعطي نقد تايلور العنيف للرمزيين الأخلاقيين والمؤلهين، بسبب تفسيرهم الأسطورة تفسيرا غير حرفي، مثالا مصغرا على عدم تفسير الأسطورة على النحو الصحيح، من جانب تايلور نفسه!
تمثلت الاستراتيجية التوفيقية الأخرى في ترقية الظواهر العلمانية ظاهريا إلى مصاف الظواهر الدينية. ومن جوانب هذه الترقية أن الأسطورة لم تعد مقتصرة على الحكايات الدينية القديمة الجلية؛ فهناك أساطير حديثة علمانية صريحة أيضا. على سبيل المثال، فيما تعتبر القصص التي تدور حول الأبطال قصصا تدور في حقيقتها حول مجرد بشر، يرتقى بهؤلاء البشر إلى مصاف أعلى بكثير من مصاف البشر الفانين فيصيرون آلهة فعليين. في الوقت نفسه، لا تعتبر أفعال هذه «الآلهة» خارقة، ومن ثم فهي غير متنافية مع العلم. وبذلك، تبقي هذه الاستراتيجية على تفسير الأسطورة تفسيرا حرفيا، إلا أنها تعيد تصنيف الحالة الحرفية للشخصيات الفاعلة في الأسطورة.
هناك استراتيجية ثالثة تتمثل في إحلال الأساطير العلمانية محل الأساطير الدينية. فتنقذ هذه الاستراتيجية الأسطورة من مصير الدين من خلال الفصل بين الأسطورة والدين؛ بناء عليه، فإن هذه الاستراتيجية تعد النقيض للاستراتيجية الثانية، التي تحول الأساطير العلمانية إلى أساطير دينية. وبفصل الأسطورة عن الدين، تقع هذه الاستراتيجية بوضوح خارج مجال مناقشة الفصل الحالي.
رودولف بولتمان
كان أكثر المدافعين عن التفسير الرمزي للأساطير الدينية التقليدية رودولف بولتمان وهانز يوناس، اللذين تناولنا آراءهما بصورة موجزة في الفصل السابق. ومثلما أشرنا سابقا، بينما يضيق الاثنان نطاق بحثهما حول تخصصيهما - المسيحية والغنوصية - فإنهما يطبقان عليهما نظرية عن الأسطورة ذاتها.
في مأخذها الحرفي، تتطابق الأسطورة في رأي بولتمان مع الأسطورة في رأي تايلور تطابقا دقيقا؛ إذ يعتقدانها تفسيرا بدائيا للعالم، وتفسيرا لا يتوافق مع التفسير العلمي؛ ومن ثم فهي تفسير لا يقبله الحداثيون، الذين يرجحون كفة العلم. وبتفسير الأسطورة تفسيرا حرفيا، يرى بولتمان أنه لا بد من رفضها دون مناقشة مثلما يرفضها تايلور. لكن على عكس تايلور، يفسر بولتمان الأسطورة تفسيرا رمزيا. وفي عبارته الشهيرة، وإن كانت محيرة إلى حد كبير، «يجرد» بولتمان الأسطورة «من العناصر الخرافية»، ولا يعني ذلك التخلص من الميثولوجيا، أو «خلع الثوب الخرافي عنها»، وإنما استخلاص المعنى الرمزي الحقيقي وراءها. والبحث عن قرينة في حادث الطوفان الذي غمر العالم أجمع - مع استبعاد الفكرة الإعجازية المتمثلة في اشتمال سفينة على جميع أنواع المخلوقات - يستدعي «خلع الثوب الخرافي» عن أسطورة نوح. في المقابل، يستدعي تفسير الطوفان كعبارة رمزية للإشارة إلى هشاشة الحياة الإنسانية «التجرد من العناصر الخرافية».
وبتجرد الأسطورة من العناصر الخرافية، تتوقف عن تعبيرها عن العالم، فتصير تعبر عن «خبرة» الإنسان بالعالم، وتتوقف أيضا عن كونها تفسيرا، فتصبح تعبيرا عن «حال» من يعيشون في العالم، ولا يمكن الاستمرار في وسمها بأنها بدائية، بل تصبح شاملة، وفي النهاية لا يمكن أن تتصف بالزيف، بل تصير حقيقية؛ إذ تقدم وصفا للحالة الإنسانية. ويعبر بولتمان عن ذلك بقوله:
إن الغرض الحقيقي من الأسطورة ليس تقديم صورة موضوعية عن العالم كما هو، بل التعبير عن فهم الإنسان لنفسه في العالم الذي يعيش فيه. ويجب ألا يتم تفسير الأسطورة من المنظور الكوني، بل من منظور أنثروبولوجي، أو وجودي، وهذا أفضل. (بولتمان، «العهد الجديد والميثولوجيا»، ص10)
অজানা পৃষ্ঠা