ইরাকের ইতিহাসের সারসংক্ষেপ: এর উদ্ভব থেকে আজ পর্যন্ত
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
জনগুলি
هذه هي نتيجة القوة البحرية. إنها ترفع الدولة إلى حيث لا تنال، وتحميها من هجوم الأعادي، وتذلل أمامها العقبات، وترفع مقامها بين الدول. وإذا ضعفت فيها هذه القوة سطا عليها كل قوي وعركها عرك الرحى بثفالها، وربما لاشاها وأزالها من عالم الوجود، وأصبحت أثرا بعد عين. (10-3) المواصلات وطرقها
على أن فوائد هذه المراكب لا ترى فيما تأتيه من الأعمال بعبر البحار ونقل الركاب من بلد إلى بلد، بل إن فوائدها تتعدى كل وصف وقول؛ فإنها هي التي تجمع البلاد إلى البلاد، وتزيل هذه الحواجز الهائلة القائمة بينها، وهي البحار الفسيحة الأرجاء؛ لأنك تعلم أن الأمة التي تستقل بنفسها ولا تراجع غيرها من الأمم المجاورة لها أو البعيدة عنها تشبه الأسد المحبوس في قفص، فهو وإن كان قويا شديدا لا يصرعه مصارع، إلا أن حبسه في دائرة محصورة تقيده وتلاشي قواه وتذله حتى تجعل أدنى حيوان أعظم فائدة منه لهذه الألفة البشرية.
ولهذا ذهب العلماء إلى أن سطوة الأمم السياسية وعمرانها وعيشتها الهنيئة، ودرجة حريتها المدنية والسياسية التي تتمكن منها، معقودة العرى بحالة طرق مواصلاتها. وفي عهدنا هذا نرى الأمم الواغلة في الحضارة والتمدن هي الأمم التي قد هيأت لنفسها أسهل الطرق، وذللت جميع العقبات، وأزالت كل ما يقف في وجهها، كما نرى ذلك في فرنسة، وإنكلترة، والبلاد المتحدة، وبلجكة، وألمانية، والنمسة، وهولندة؛ إلى غيرها. وإذا كان قد أخفق الإسبانيون في مستعمراتهم، فإن إخفاقهم على ما يقوله بعض المحققين ناشئ من قلة وجود طرق المواصلات فيها. وهذا الإخفاق يتضح كل الاتضاح في الحروب؛ فإن الأمة التي لا تسرع في نقل محاربيها إلى ميادين القتال تكون هي المغلوبة؛ لأن العدو يخف إلى نجدة جنده وإتباع الجيش بالجيش، بخلاف الدولة المتأخرة في طرق مواصلاتها، فإن جندها يسحق، وليس له من معين ومنجد قبل أن تجيئه النجدات من بلده البعيد. وقد ظهر نفع هذه الطرق - طرق المواصلات - في الأزمان القديمة كما في الأزمان الحديثة. ولقد كانت هذه الطرق أشغل شغل أصحاب أهل الحل والعقد في الأمة؛ فهي أحسن الأدوات للبلوغ إلى السيادة العظمى في البلاد. ولقد فهمت هذه الحقيقة رومة، فأنشأت حيثما دخلت طرقا واسعة معبدة، حتى إنك لا تقول طرقا رومانية إلا ويتبادر إلى الذهن أنها الطرق الحسنة البناء. وفي هذه الأزمان إذا تجولت في بلاد الغرب ترى من آثارها شيئا لا يحصى في مواطن عديدة، وهي هذه الطرق التي ميزت الدولة الرومانية - سيدة الدول - من غيرها التي سبقتها، أو من دول هذا العصر نفسه التي من بعد أن فتحت الفتوحات الكثيرة لم تتمكن من إبقائها في أيديها؛ لأنها لم تنشئ فيها هذه الطرق اللاحبة المكينة. ومن أحسن الشواهد العصرية الدولة البريطانية؛ فإنها لا تكاد تفتح بلادا أو تستعمر ديارا إلا وتسرع إلى اتخاذ هذه المسالك والسبل؛ إذ هي أيضا من الوسائل الفعالة لإيصال عوامل الإدارة إلى حيث تجب، وتمكن أولياء الأمور من إبلاغ أمارات أفعالهم وأقوالهم في أقرب آن. وكذلك قل عن إبلاغ صواعق غضبهم وسخطهم. فكر في إسكوسية من بلاد بريطانية، فإنها كانت في نحو منتصف المائة الثامنة عشرة في قيام وقعود من أمر الفوضوية والهمجية، وما اتخذت فيها هذه المسالك إلا وتبدل فيها الأمر وانقلب ظهرا لبطن؛ لأن مجلس النواب أمر بخرق الجبال فخرقت، فسهل بذلك إيصال الأوامر والزواجر بسرعة البرق، فخمدت نار الثورة أو الفوضوية، وأصبحت إسكوسية مثل سائر ديار بريطانية. (10-4) سكك الحديد
إن الأمم المتمدنة في يومنا هذا تستعمل ثلاث طرق للمواصلات؛ بلوغا لرقيها، وتسهيلا لأشغالها، وترويجا لتجارتها، وهي الطرق الواسعة، ومجاري المياه، وسكك الحديد؛ فالوسيلة الأولى وإن كانت ساذجة في حد ذاتها إلا أن إدخالها في وسائل العمران كان من أجل الأمور، بل اكتشافا لا يقل شأنا وخطورة عن سائر الاكتشافات؛ وذلك أن هذه المسالك عند اتساعها مكنت الناس من تسيير المركبات والعجلات عليها، فقل بذلك تسخير الإنسان لنقل الأثقال الباهظة . واليوم تؤدي هذه السبل في البلاد المتمدنة من الخدم ما لا يعوض عنها معوض لو لم تكن أو لم تفتح، ومع ذلك فقد توجد بلاد وهي محرومة من هذه النعمة العظمى؛ ففي بلاد الصين مثلا لا يوجد طرق بالمعنى الذي نريده هنا، ومع وجود الجداول والترع عندهم ترى أغلب نقلياتهم تتم على ظهور الناس.
أما مجاري المياه فقد قال عنها بسكال: إنها طرق سيارة تحملك إلى حيث تشاء، لكن - ويا للأسف - لا تعود بنا إلى حيث خرجنا، هذا فضلا عن أن في ركوبها من المساوئ ما ينقص من محاسنها ويقلل اتخاذها؛ فبعض الأنهر تطغى في بعض الأيام، وتطفح على ما جاورها من الأرضين، فهناك تكون البلايا والرزايا، وبعضها تنقص كل النقصان في الوقت الذي يحتاج الإنسان إلى ركوبها لقضاء حاجات أسفاره، فيؤدي نقصانها إلى تعطيل المراكب وجنوحها أو نشوبها في الرمل. ومن الأنهر ما تجمد في الشتاء، ومنها ما يكثر فيها الصخور، أو تتكوم فيها الرمال، ومنها ما تتسلط عليها الشلالات أو مساقط المياه في مسيرها فتكون سببا لهلاك كثيرين، ولو لم يخترع البخار لكان العود على متون تلك الأنهار من أعظم المتاعب والمصاعب؛ ولهذا فإن هذا الاكتشاف ضاعف منافعها عشرة أضعاف، ونحن في قولنا هذا لا نبالغ البتة، على أن جميع الأنهار لا تسير عليها البواخر؛ فهناك بعض منها لا تصعد إلا بجر سفنها، وفي البلاد المتمدنة يتولى جرها حصن تسير على المسنيات المكينة البناء الموجودة على طول الشاطئ، وفي البلاد المتأخرة يجرها الرجال وهم يسيرون على الجرف كما هو الأمر في العراق. ومع كل ذلك فإن في جرها هذا العنيف فوائد ما كنت تراها لولا إياها.
أما الترع (وهي الجداول، أو الأنهر التي شقتها أيدي الناس) فإنها تجاري بمنافعها منافع الأنهر الطبيعية، وربما فاقتها في بعض الأحيان؛ لأنك لا ترى فيها ما يجعل السير فيها صعبا أو مهلكا، ولا ينقص ماؤها إذا عرف المهندس خزن المياه إلى وقت الحاجة إليها. ومن مميزاتها أنك لا تجد فيها مجرى قويا ، فيمكن لراكبها صعودها ونزولها بدون كلفة عظيمة. على أن فيها محاذير، من جملتها: أنه لم يحافظ على حالتها التي وضعت عليها، قد تعاب في داخلها عيوبا، تتحدر فيها المياه فتنشف فجأة، وتبقى المراكب على الرمل، وقد تجمد هذه الترع، أو قل قد يتأخر انحلال جمدها لعدم وجود مجرى قوي يدفئ الماء فيحل جمدها، لكن هذا لا يأتي إلا في البلاد الباردة، وأما في البلاد المعتدلة الهواء فلا. ومن محاذيرها أن السير عليها يقف في حين تطهيرها أو كريها، وهذا لا يكون إلا مرة في ثلاث سنوات، فمنافعها إذا أعظم من مساوئها.
ومما يجدر ذكره هنا ما فازته البلاد المتحدة في أميركة من النجاح الباهر بعد اتخاذها الترع في ديارها. وقد بدأ الأميركيون في بلاد نيويورك ليظهروا للأهالي - بل للعالم كله - منافع تلك القنوات؛ فمساحة سطح تلك البلاد تساوي ربع مساحة فرنسة، وكان فيها من السكان أقل من مليون، ففكر بعض الرجال من ذوي العزائم والهمم العلية بأن ينشئوا في تلك الأرجاء قنوات تخدد وجهها حتى تكون كالشباك فيها، وكان فكرهم هذا في سنة 1810م، فبدءوا أعمالهم هذه بشق قناة تصل بحيرة «أرية» بنهر «هدسن» في ألباني، وطول خطها 142 فرسخا؛ أي إنهم حفروا أعظم نهر وجد على سطح الأرض مما حفره البشر، وكان بدء هذه الأعمال في 4 تموز سنة 1817، يوم ذكرى تحرير أميركة، وتمت في تشرين الأول من سنة 1826؛ أي بعد ثماني سنوات، ودونك الآن نتيجتها بعد 12 سنة وعاقبة تأثيرها على غلات البلاد. ففي سنة 1817 كانت تبلغ رءوس أموال تلك الغلات 16 مليون فرنك، فبلغت 118 مليونا في سنة 1837. وفي هذه المدة نفسها قامت مدن جديدة جليلة الشأن على طول تلك القناة أو الترعة - دع عنك القرى والدساكر التي أنشئت أيضا في الوقت المذكور - وكلها تدل على أن سكانها يتمتعون بعيشة هنيئة رغيدة.
وقد قامت جمعيات لإنشاء ترع مهمة، منها شركة الترع الأربع، والترع الثلاث. ومن أشهر الترع وأعظمها شأنا وفائدة وخدمة للبشرية «ترعة أو قناة السويس» التي وصلت بحر الروم أو البحر المتوسط بالبحر الأحمر، بسعي المهندس الفرنسوي الشهير المسيو دي لسبس، فكانت بابا واسعا لترويج التجارة ونشرها في أقطار الأرض، وتأتي بعدها في الشأن ترعة بنمة التي جمعت بين المحيطين الهادئ والأتلانتيكي، وكان الناس يظنون أن اختراع السكك الحديد يضر بحفر الترع ، فجاء الأمر بعكس ما كان يظن؛ فإن النقل على السكك خص بالبضائع وبالأثقال الخفيفة، وأما الترع فاتخذت لنقل الأثقال الباهظة.
على أن جميع وسائل النقل تتضاءل قدرا وشأنا بجانب سكك الحديد، فإن لها المقام الأول بين أخواتها الأخر، ولا سيما لأنها لا تعرف تقلبات الجو ولا اختلاف الأهوية والفصول، ولا يهمها سقوط الثلج أو هبوب العواصف أو تدفق الأمطار؛ فهي تجري في وجهها مهما كانت عوامل الطبيعة، فإن قدد الحديد هذه الضيقة المصقولة التي تسير عليها عجلات القواطر يتيسر عليها النقل أكثر مما يتيسر على الطرق أو المسالك المألوفة. فلقد أثبت المحققون أن مقاومة طريق حسن لقوة النقل هي بمثابة ثلاثة أو أربعة أجزاء من مائة جزء من الحمل بأجمعه من باب المعدل، وأما على سكك الحديد فهي عشرة أضعاف أقل، فتأمل. على أن السكك المذكورة لا تستطيع أن تنقل مواد ثقيلة بقيمة زهيدة كما تفعله الترع، إلا أنها تفضلها من جهة الجر؛ فإن البخار أهون مراسا من الدواب في هذا الأمر، بل قد تتعب الحيوانات وتنهك، وأما البخار فلا. وذكر محاسن هذه السكك مما يطيل الكلام على غير جدوى في الوقت الذي قد عرف العام والخاص منافعها، فالأجدر بنا أن نتكلم عن هذه السكك في العراق.
العراق هو من البلاد القديمة الحضارة - على ما تقدمت الإشارة إليه - إلا أن وقوعه في أيدي أناس أصبحوا في أخريات الأمم المتحضرة أضر به أعظم الضرر، حتى إن أمم أفريقية المعروفة بالتوحش سارت في العصر الماضي سيرا حثيثا في العمران، وتمتعت بمحاسن وفوائد الرقي؛ لكون الذين قضوا عليها كانوا من الأمم المتقدمة في العلوم والصنائع، فأفادوا تلك الأقوام فوائد لا تنسى. ومن الغريب أن أمم الإفرنج كانت ترى بعين الكآبة والأسف أهل هذه الديار يهوون إلى هوة الجهل والانحطاط، فكانوا يحاولون نشلهم منها ويطلبون إلى الدولة التي ترعاهم أن تأذن لهم بإدخال أسباب الرقي في تلك الربوع القديمة الحضارة والتمدن، فكان أصحاب الأمر يمنعون إدخالها؛ خوفا من أن ترتقي أهاليها، فتتخلص من ربقة الإذعان لسلاطين آل عثمان، فبقيت تتسكع في ظلمات الجهل والغباوة حتى دخل النور إليها من شق ضعيف رغما عن مقيديها بتلك السلاسل الثقيلة وإلقائها في ذلك المطبق (السجن المظلم) الهائل. دخل إليها النور من أنحاء الأستانة وأزمير وبيروت، فلم يمكن لأولياء السجن أن يبقوا أولئك الأسرى في تلك الغياهب المدلهمة. دخل إليها النور على يد الأجانب الذين كانوا يلحون على أرباب الحل والعقد أن يسرعوا إلى نفع الأهالي بممتعات التمدن العصري؛ إذ أغلب أولئك الأهالي يهجرون البلاد إلى غيرها من ديار الغربة، فيطعنون بالحكومة التي قد قبضت عليهم بأيد من حديد، بل هي أصلب وأقسى من الحديد، وحينئذ ينشأ في قلوب الرعية عداوة أو فكر لقلب الحكومة. وكان السلطان يعلل الناس بمنح ما يتوقون إليه، حتى وقع ما وقع من خلع عبد الحميد، وانتقال زمام الأمور إلى جمعية الاتحاد والترقي التي أخذت على نفسها رفع الناس من حالتهم إلى حالة أعلى، لكن على نظرها الذي ظهر فساده لعيني كل بصير.
অজানা পৃষ্ঠা