ইরাকের ইতিহাসের সারসংক্ষেপ: এর উদ্ভব থেকে আজ পর্যন্ত
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
জনগুলি
أما اسم العرب فقد ذهب الناس في معناه مذاهب شتى؛ فمنهم من قال: «إن بعض أولاد سام بن نوح استوطنوا العراق، وطردهم بنو حام، فذهبوا بعضهم شمالا إلى آشور، وبعضهم ذهبوا غربا، فسموا عربا لهذا السبب؛ لأن اللغة السامية الأصلية لا غين فيها، فلفظة عرب: بمعنى غرب، واختلط بهم نسل إسماعيل، ونسل مدين، ونسل عيسو، ونسل لوط. وفي الجهات الجنوبية اختلطوا بقبائل من نسل حام، فصاروا خلطا بلطا. ونشأ منهم قبائل وبطون كثيرة ، باد أكثرها أو اندمج في غيره، حتى لم يبق لها رسم منذ أدوار.»
وقال فريق: إن العرب مشتق من الإعراب، بمعنى الإبانة، من قولهم: أعرب الرجل عما في ضميره: إذا أبان عنه، وهذا تعليل محدث لا يعتمد عليه.
وزعم فريق آخر إلى أنه مشتق من غرب الشيء (بالغين المعجمة)، بمعنى: اسود؛ لسمرة ألوانهم، والعرب يسمون السمرة سوادا من باب التوسع، وقال كثيرون: سمي العرب عربا: من عربة، وهي في الأصل اسم لبلاد العرب.
وقال بعضهم: أول من أنطق الله لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان، وهو أبو اليمن، وهم العرب العاربة.
على أن الرأي المقبول اليوم عند أغلب المستشرقين والعلماء الباحثين العصريين، أن العرب مشتقة من: «عربا»، وهي مفقودة في العربية، إلا أنها موجودة في العبرية والآرامية، بمعنى البادية والصحراء، فمعنى العرب إذا في الأصل: أهل البادية، أو البدو؛ لأنهم كانوا في الأصل من الأمم التي تعيش في البوادي. وذهب بعضهم إلى أن كلمة «عرباء» موجودة في اللغة الضادية في قولهم: «العرب العرباء»؛ أي العرب الخلص، وهم أهل البادية.
مميزاتهم
أما مميزات الأعراب فهي واحدة في المتحضرين والمتبدين باختلاف طفيف ناشئ من البيئة، والهواء، والمعيشة، واختلاط الدم. ويعرف أهل البادية بقامتهم المتوسطة الحسنة التقطيع وبهزال الجسم، لكنهم ذوو نشاط غريب وسعي حثيث، سريعو الحركة، سمر الألوان، يكادون يكونون سودا، وملامحهم منتظمة، أسيلو الخدود؛ أي بيضيو الوجوه، ورءوسهم على أشكال مختلفة في أغلب الأحيان ومصومعتها، وجباههم مشرفة، وعيونهم سوداء وبصاصة، إلا أن تقطيب الوجه وإغماض العينين فرارا من الشمس عند النظر إلى البعد ينشئ فيهم منظر رجال قلقين، والناظر إليهم يتوهم أنهم في منتهى التوحش، وليس الأمر كما يظهر في الخارج؛ إذ إنهم في منتهى الأنس والألفة. والبدوي يشيخ ويهرم سريعا، فيتغضن جلده ويتشنج قبل أوانه في الهواء الطلق، ولا يناهز الأربعين سنة إلا وقد وخطه الشيب، وإذا بلغ الخمسين هرم هرما بينا، ولا يبلغ أحدهم الستين إلا قليلا. بيد أن تلك الحياة التي تتدفق همة ونشاطا لا تعرف الأمراض إلا نادرا. ومما امتازوا به: القناعة، والرضى باليسير من الطعام، مما ينقلب عليهم بالصحة وسلامة الجسم من العاهات الوبيلة التي ترى في النهمين أو الأكولين؛ ولهذا يكون فكرهم رائقا دائما، وحافظتهم واسعة، وخواطرهم متنبهة. وقد تعلموا منذ نعومة أظفارهم اتخاذ الأرض فراشا، واحتمال حرارة الشمس المتوقدة، والنوم غرارا، والاكتفاء باليسير من الطعام، والصبر على العطش ولو في حمارة القيظ، وهم لا يتعاطون المسكرات، وأغلب شربهم الشنين، أو اللبن الحقين الذي يهز معاطف الإنسان بدون أن يسكره، وهم في الغالب لا يأكلون إلا مرة واحدة في النهار هي الوجبة، وقدرها شيء زهيد بالنظر إلى ما يأكله أهل ديار الغرب من كثرة الألوان وغيرها.
أخلاقهم
هذه نظرة في مجمل مميزاتهم الخلقية، وأما مميزاتهم الخلقية فهي غريبة كل الغرابة؛ إذ تجتمع فيها المحاسن والمساوئ معا، أو المناقب والمعايب معا، وهذا ينشأ من انفرادهم في البراري، وضرورات الأزمان، ومخاطر الحياة في البوادي التي احتلوها، مما يجعل دمهم فوارا ومزاجهم متقلبا، بتقلب أهوية الفلوات، وتخيلهم ميالا إلى كل قوة طارئة ميل الكلأ الذي يأنس إليه ويعيش في وسطه ويأخذ عنه تموجه عند أدنى حركة في النسيم؛ فمن فضائله ومحامده أنه في غاية الصبر حتى لا يكاد يجاريه فيه أحد، فهو يحتمل الحر والقر، الجوع والعطش، التعب والراحة، الشغل والبطالة، كثرة الشيء وقلته، بنفس واحدة بدون تبرم أو تضجر، ومع هذا الصبر العجيب قد يثور فيه الغضب العظيم، ويطلب الثأر الشديد إذا أهانه الواحد أو احتقره وشتمه أو سبه. البدوي طماع وسلاب، فإذا رأى عندك شيئا لماعا أو رنانا أو حسن اللون مال إليه وأراد الاحتفاظ به، لكن عند إكرام الضيف ينسى كل شيء ويجود لك بنفسه.
البدوي شديد المعاملة إذا أراد سلبك ونهبك، ولكنه لا يقتلك، وإذا احتميت به أو نزلت خيمته أعزك وأبدى لك من الظرف وحسن المعاملة ما لا تجد مثيلا له في أوغل الناس في المدنية، وهو يعاملك بالحسنى ولو كنت عدوه، وذلك إذا ما أنزلك في حماه وكنفه. البدوي ينظر إلى السلب والنهب والغزو بغير العين التي ننظر بها إليها، والذي يجيز له ذلك فقر الأرض التي وجد فيها، فهو ينظر إلى عابر السبيل بمنزلة رزق قيضه الله له؛ إذ إن هذا العابر لا بد أن يصل محلا فيجد فيه ما يستغني عما خسره في رحلته؛ ولذلك لا يتعرض بحياته البتة. وهو لا يميز بين المحاربة وبين الخدعة، فما يأخذه بقوة السلاح في الشبكة التي نصبها للمسافر أو في عثوره عليه هو بمنزلة كسب أو ربح، وعنده لا فرق بين سلب هذا الرجل ابن السبيل وبين فتح مدينة أو بلاد هجم عليها وهي لعدوه. والذي يميز البدوي كل التمييز ويفرقه عن سائر الخلق حبه للحرية والاستقلال؛ فقد بلغت به هذه الشاعرة مبلغا لا يمكن للحضري أن يتصورها، فهو يخيرها على كل موجود على الأرض مهما كان عزيزا أو ثمينا، ومن يحاول أن يقيد البدوي بقيد من القيود كمن يحاول تقييد السنونوة في قفص، فإنها لا تزال تضرب جدار القفص برؤيسها حتى تموت، مفضلة الموت على الحياة بقيد؛ ولذا ترى البدوي يحتقر كل الاحتقار أبناء المدن؛ إذ البقاء فيها هو القضاء على حريته، تلك الحرية التي احتفظ بها منذ خلق الخلائق إلى يومنا هذا؛ إذ أهل البادية وحدهم بقوا محافظين على معيشتهم، بينما ترى سائر الأجيال خضعت للقيد والربط والحصر والضيق. البدوي سريع الخاطر، متوقد الذهن ولو لم يدرس العلوم والفنون؛ فإن ذكاءه فطري وسليقته سليمة من معايب التمدن، وليس من بدوي إلا وتراه شاعرا يصف لك الأمور على حقائقها ودقائقها، إلا وتراه بليغا؛ إذ لا يكلمك إلا ويقنعك بسحر كلامه، إلا وتراه خطيبا لما يسرد لك من المبادئ الصادقة المغزى والمعنى والمبنى بصوت تسكرك نغمته ونبرته. البدوي يصدق كل ما تقول له من الخرافات والأقاويل الصبيانية؛ لسلامة نيته. البدوي تجيش نفسه لأدنى وصف أو إغراء؛ لكون خياله يضارع هواء باديته الذي يتقلب بين برد ودفء، وحر وومد في النهار الواحد. البدوي يحب الأحاديث الخيالية والأقاصيص الجنية، والحكايات الملفقة أو الشبيهة بالملفقة مما يكثر فيها الأوهام والمحاليات. البدوي قابل لكل شيء عظيم إذا ما عرف العاقل أن يسوسه، أو أقنعه بفكر ظهر له فيه منفعته. البدوي يتلون تلون الحرباء ويتقلب تقلب الطفل، تقول له شيئا فيصدقه، ثم يأتيه آخر فيخرجه من فكره بالسرعة التي دخلها. البدوي لا دليل له إلا سليقته الوقتية، ويحكم على الأمور بموجب ظواهرها ولا يهمه بواطنها، وهو ينخدع بالبوارق، وينقاد لما فيه جلبة وروائع.
অজানা পৃষ্ঠা