খাওয়াতির খায়াল
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
জনগুলি
وأؤمل أن تكونوا سمعتم الوزن في هذه الجمل الهادئة أو القوية، وقد نوهت لكم أن الوزن هو الأصل المشترك في الموسيقى والشعر، وأكرر لكم أن كل الشرق وزن، ولا حاجة بنا لأن نشط كثيرا يا آنساتي فإن عندكن فكرة ضئيلة من «الجازبند» وهي من اختراع الزنوج، والتي ترقصن على نغماتها هذه «الهامبولا» التي تسمى هنا «فوكس ثروت» و«شمي» وغيرها، وأظنكم لا تشكون قط في أنكم مهما حاولتم ومهما تلقيتم من دروس الدنيا فإنكم لا تستطيعون أن تقلدوا ولو عن بعد الرشاقة الوحشية في أنواع هذا الرقص الإفريقي.
إن الشرقيين لا يعدون خطواتهم ولكنكم تعدونها أيها السادة الراقصون والراقصات، ومهما حاولتم فإنكم لا تصلون أن تكونوا زنوجا (ضحك عام).
ولنعد إلى العرب فنقول: إن الوزن عندهم من الضروريات كالتنفس، والمرأة التي تندب ولدها تبكيه بأوزان وأنغام كما حققته في رحلي وأسفاري.
وأظن أنه قد سبق لي أن حدثتكم في نفس هذا المكان عن البدوية التي صادفتها في طريق قفر في «خروميري» ولم تدر أني أنظر إليها وهي مارة، وكانت تتقدم في رياح الخريف بين أوراق الخريف المتناثرة وعصاها بيدها، وهي تقطع ألحان الشكوى التي كانت تبتكرها وهي سائرة يخنقها البكاء والتنهدات، وحينما استعلمت عنها قيل لي: إنها تقطع وحدها أوزان الآلام؛ لأنها شاهدت المحضر الإفرنجي وهو يبيع أمتعتها الحقيرة.
وقد رأيت في مصر نساء مسلمات مستخدمات في محلات إفرنجية يسرن في الطريق حاملات آلات خياطة؛ ليمشين بين قطارات الترام والسيارات والسابلة من الإفرنج، ولا ينقلن قدما أمام الأخرى دون أن يغنين لحنا يساعدهن على نفض كسلهن الطبيعي.
وقد تحققت عندما كنت بالأقصر اضطرار المصريين إلى إسناد أعمالهم إلى الأغاني المقطعة، إذ رأيت رجالا وغلمانا يرفعون الأحجار عن هياكل أسلافهم ولا يجودون بأي مجهود إلا إذا أسندوه إلى لحن يغنونه جميعا.
وقد فاجأت في مقبرة إسلامية بالصعيد جمعا محتشدا من العمال المسافرين إلى السودان ينشدون ويرقصون بنظام كالرقص الروسي ليتشجعوا على ملاقاة النفي البعيد.
وكان يتشجع مثل هؤلاء العمال الموكلين بوضع قضبان الترام في القاهرة، إذ كانوا يرفعون معاولهم مع بعضهم ويتركونها تهوي مع بعضها إلى الأرض لتضرب نقرة واحدة تسير مع وزن اللحن المنشود من الجميع ، وليس المسلمون وحدهم هم الذين يعملون هذه الأعمال، وقد شاهدت منظرا مماثلا بمقبرة المسيحين في الإسكندرية في عيد الأموات.
رأيت سيدة مصرية عجوزا مرتدية ملابس تماثل أزياء عجائزنا من قماش أسود دقيق من نوع «الكابوت»، وكانت تتعهد نباتات زرعت حول قبر ابنتها، ولما نظمت المكان نشرت مظلتها؛ لأن شمس مصر قوية حتى في شهر نوفمبر، ثم جلست بجانب القبر وأخذت تنتحب وتعوي كذئبة تبكي ابنتها بوزن موسيقي أوحاه إليها إلهامها.
ويوجد بمصر خلاف هذه المظاهرات الشخصية حفلة دينية تسمى الذكر، وهو يتم بأنواع الاجتماعات تشريفا للموتى أو الأولياء أو لتمجيد الله، وهو يختلف على حسب الطرق، ويتكون من ترتيل يزداد شيئا فشيئا إلى أن يبلغ الصراخ، ويرقصون سويا في بعض الأحيان، والذكر يكون مزعجا حينما تشتد وتعلو أصوات الذاكرين.
অজানা পৃষ্ঠা