খাওয়াতির খায়াল
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
জনগুলি
وغير خاف أن عصر المماليك كانت تتخبط فيه مصر في دياجير الجهل والانحطاط وفساد الأخلاق، وربما كان إنشاء ألف ليلة يعد في زمانه من رائع بيان العصر، ولا يبعد أيضا أن واضعه كان يعتبره قومه من الذين يشار إليهم بالبنان في ميدان النظيم والنثير.
ويظهر أن هذا الفقيه درس في الأزهر بضع سنين ثم انقطع للأدب وتفرغ للكتابة والشعر، وقرأ بعض الكتب الغثة المسجعة والدواوين السخيفة كالبهاء زهير والوأواء الدمشقي وابن سهل ومن شاكلهم، وحفظ العروض لتعليم الوزن، وقرأ جانبا من الكتب الخرافية المرذولة مثل خريدة العجائب وبدائع الزهور، وعددا من كتب المواعظ والحكم الدينية السخيفة التي يبرأ منها الدين والتي يحفظها الشباحون والطفيليون ليتشدقوا بها في مجالس العامة.
وقد استدللت على أنه فقيه بل من فقهاء المقابر من محاوراته العلمية في قصة تودد الجارية وهي من أرذل ما سمع.
سألها العلماء: ما ربك؟ وما نبيك؟ وما إمامك؟ وما قبلتك؟ فأجابت: الله ربي، ومحمد
صلى الله عليه وسلم
نبيي، والقرآن إمامي، والكعبة قبلتي ... إلخ، ولا يخفى على القارئ أن هذا القول يلقنه فقهاء المقابر للأموات وقت دفنهم، وفي قصص أخرى يقول: صلى ركعتي الاستخارة، وفي قصة علاء الدين أبي الشامات يقول: إنهم اتخذوه مستحلا لبنت أحد الأغنياء.
ومن بروده وسماجته سؤال العلماء لتودد الجارية وهم في حضرة الرشيد أسئلة تماثل ما جاء في رجوع الشيخ إلى صباه!
وتلك الكلمة فيها الكفاية للاطلاع على مبلغ معلومات منمق ألف ليلة، وقد بقي علينا أن نأتي بصورة تمثل نفسيته:
هذا الرجل على شاكلة «تارتوف» أو الشيخ متلوف على رأي عثمان بك جلال، شيخ معربد فاجر مستهتر، مجرد من الذوق والأدب ومكارم الأخلاق، وهو من الفئة الذين يهرولون وراء فتوى كاذبة لرجل طلق امرأته ستين مرة، أو عقد زواج جديد مع وجود المرأة على ذمة الزوج الأول، والذين يتطفلون في المآتم والأفراح فيكون واعظا إن كان المجلس يبحث في الوعظ، وشاعرا في الأفراح يرص القصيدة ويخطب الخطبة لتهنئة العروسين، وتارة في مواخير الحشيش، وطورا في الحانات ينادم ويضحك الشبان المعربدين الوارثين، وترى جيوبه محشوة بأحقاق العنبر والمنزول يبيعها للمعربدين بعدما يسهب في منافعها وخواصها.
كل هذه الصفات تقرأها طي ألف ليلة، حتى نسخ المنزول تراها في الصحيفة الأولى من قصة علاء الدين أبى الشامات، وقبل تركيبها ببضعة سطور تجد حوارا بين والد علاء الدين وزوجه من أقبح ما سمع، وفيه من أخبار النساء والولدان ما يدل دلالة صريحة على أن هذا الرجل كان حشاشا كبيرا.
অজানা পৃষ্ঠা