খাওয়াতির হিমার
خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار
জনগুলি
فحاولت هنريت أن تأخذها معها فلم تقبل، فتركتها وذهبت. واستمرت جان تنظر إلي وتراقبني وأنا آكل وكأنها كانت تقول: أنا خائفة أن يأكل الشعير كله، وليته كان يبقي منه قليلا! فإنني أكون مسرورة وآخذ ما يتركه لأجل الأرانب.
أوجست وهو يقدم الحمار إلى أهله ويقول: هذا هو الذي أنقذني.
فأكلت أكثر ما كان أمامي، ولكنني أشفقت على تلك الطفلة الصغيرة، وأعجبني منها أنها لم تمس شيئا من طعامي مع شدة رغبتها في إطعام أرانبها، ولذلك تظاهرت بأنني شبعت ورفعت رأسي تاركا بعض الشعير إرضاء لها. فلما أبصرت ذلك فرحت كثيرا، وقامت إلى مكان الشعير فأخذت منه بيديها، ووضعته في طرف مريولها الأسود، وقالت: ما أكرمك وما ألطفك يا كديشون! أنا ما رأيت في حياتي حمارا أحسن منك، ومن أحسن طباعك أنك لست شرها تحب الأكل الكثير، وكل الناس يحبونك لأنك طيب وكريم، والأرانب ستكون مبتهجة، وأنا سأقول لها إنك أنت الذي أبقيت لها الشعير. ثم ذهبت وهي تجري.
ورأيتها حين وصلت إلى مأوى الأرانب وسمعتها وهي تحكي لهم كيف أنني كنت كريما وطيبا وأنني لم أكن نهما، وأنها ستكون مثلي، وأنه ما دمت أنا أبقيت من طعامي للأرانب فيجب على الأرانب أن تبقي من الشعير لصغار الطيور.
ثم قالت للأرانب: وسأعود قريبا لأرى إذا كنتم قنوعين، وإذا كنتم صنعتم كما صنع كديشون. ثم أغلقت الباب على الأرانب، وذهبت تسأل عن أوجست، فتبعتها لكي أطمئن على هذا المسكين، فلما اقتربت من المنزل سرني أنني رأيت أن أوجست كان جالسا على الخضرة مع إخوانه بكل ارتياح. فلما أبصرني قادما نهض وتقدم إلي وقال ملاطفا: هذا هو الذي أنقذني، ولولاه لكنت هلكت، وقد كنت فقدت صوابي في اللحظة التي كان فيها كديشون قابضا على الشبكة حين ابتدأ يجرني إلى البر، ولكنني رأيته جيدا حين ألقى بنفسه في الماء وساعة كان يعوم لأجل إنقاذي، فلست أنسى أبدا المعروف الذي صنعه معي، ولست أحضر إلى هنا مرة أخرى بدون أن أسلم عليه وأشكره.
فقالت جدته: هذا الذي تقوله حق وصواب يا أوجست، فإن الواجب على كل عاقل أن يشكر من أحسن إليه سواء أكان إنسانا أم حيوانا، أما أنا فإنني أتذكر دائما الخدم التي أداها لنا كديشون، ومهما يكن من الأمر فإنني عزمت على ألا أدعه يفارقنا.
فقالت كاميل: لكنك منذ أشهر كنت يا جدتي قد عزمت على إرساله إلى المطحنة ليشتغل فيها.
فأجابت الجدة: نعم، ولكنني لم أرسله، إنما خطر ذلك في بالي، وكان السبب ما حدث منه أولا ضد أوجست حين ألقاه في الحفرة، وكان هذا على أثر عدة شكاوى ضده من سكان المنزل، أما الآن فإنني عزمت على الاحتفاظ به في المنزل مكافأة له على خدماته العديدة، ولست أكتفي ببقائه عندنا بل أريد أن يكون هنا منعما مستريحا.
فابتهج جاك وصاح: أشكرك كثيرا يا جدتي، وأنا أحب أن أكون الشخص الذي يعتني بكديشون، لأنني أحبه وهو يحبني أكثر من الآخرين.
فقالت له جدته: لماذا تريد أن يحبك كديشون أكثر من حبه للآخرين، وليس هذا من العدل أو الشهامة؟!
অজানা পৃষ্ঠা