والآن ونحن على أبواب عام جديد، ماذا ستكون سياسة الوزارة في وضع البرامج لتعليم اللغات، فالعلوم حقائق ثابتة لا تحتاج إلى اجتهاد، أما الآداب التي تنتسب اللغات إليها فهي فن وعلم في وقت معا، من الذي سيختار النصوص في اللغة العربية؟ إن الطفل إذا بدأ دراسته في اللغة العربية بقول الشاعر:
المجد لا يرضى بأن ترضى بأن
يرضى المؤمل فيك إلا بالرضا
سينصرف عن الأدب العربي قديمه وحديثه.
والتلميذ إذا بدأ بدراسة أبيات شوقي بالطريقة التي تدرس له اليوم سيختلط عليه الأمر وتنماع في ذهنه ملامح الذوق الفني، ويصبح وهو لا يدري ما هو الشعر الجيد وما هو الشعر الساقط، ويترك الأدب وينصرف عنه وينصرف عن اللغة العربية كلها.
والتلميذ إذا قررت عليه رواية لا قيمة لها من الناحية الفنية، وإنما كل ما تمتاز به أنها تدعو إلى مكارم الأخلاق في أسلوب مقالي مباشر، أصبح وهو لا يدري الفارق بين العمل الفني الذي يتمثل في القصة والرواية المسرحية وبين المقالات وخطب الوعظ والحكم وغير ذلك من صنوف الكلام التي لا تتسم بالفن وبذلك ينأى عن القراءة الأدبية جميعا.
إن مهمة المدرسة ضخمة، فهي لا تقدم المعلومات فحسب وإنما هي تنشئ جيلا بأكمله تتعلق به آمال بلاده، ولست أغالي إن قلت إن آمال العرب جميعا تتعلق بهذا الجيل، فإن مصر ستظل زعيمة العالم العربي في الآداب والفنون.
ولهذا أقترح يا سيادة الوزير أن تختار لجنة من كبار الأساتذة في الجامعة وغير الجامعة لتشترك في وضع المقررات والبرامج في اللغة العربية، وإنني لعلى ثقة أنك تدرك خطورة المهمة التي تضطلع بها هذه اللجنة، وما يجب أن يتوفر لها من علم راسخ وذوق رفيع، وفقك الله!
ثروت أباظة
شريعة الحضارة هي شريعة الغاب
অজানা পৃষ্ঠা