ولكن سلني فقل لي: فإذا كان آدم في أكل الشجرة ناسيا كيف وجبت عليه العقوبة، وقد أجمعت الأمة على أنه إذا نسي الرجل فشرب في رمضان وهو ناس، أو أكل وهو ناس، أو ترك صلاة حتى يخرج وقتها وهو ناس، أو جامع امرأته في طمثها وهو ناس، لم يجب عليه في ذلك عقوبة عند الله، فكيف يجب على آدم صلوات الله عليه العقوبة في أكل الشجرة ناسيا؟
فإن سألتني عن ذلك قلت لك: إنما عوقب آدم صلوات الله عليه في استعجاله في أكل الشجرة، وذلك أن الله تبارك وتعالى لما نهاه عن أكل الشجرة وهي البر، وأمره بالشعير، ولم يحظره عليه، فكان يأكل من شجرة الشعير وهي ورق ولم تحمل ثمرا، فلما صار فيها الحب والثمر أشكل عليه أمرها، فلم يدر أيهما نهي عنها، فأتاه اللعين بخدعه وغروره، فقاسمه على ما ذكر الله في كتابه فقال: { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } [الأعراف: 20]، فاستعجل آدم فأكل من الشجرة، ولم ينتظر الوحي في ذلك من عند الله، فعوقب في استعجاله في أكلها، وقلة صبره لانتظار أمر ربه.
قلت: فكيف كان كلام إبليس وخدعه إياه؟ هل كان تصور له جسما ورآه عيانا؟
فقال: إنما سمع آدم كلامه ولم يره جسما، وقد رويت في ذلك روايات كذب فيها من رواها، وكيف يقدر مخلوق أن يخلق نفسه على غير مركب خلقه وفطرة جاعله، هذا ما لا يثبت ولا يصح عند من عقل وعرف الحق.
قلت: فقد كان محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخاطب جبريل ويعاينه على عظيم خلقه وجسيم مركبه؟.
পৃষ্ঠা ৬০৪