ولو أن هذا المغتاب يريد الخير صدقا لأتخذ الوداد، قبل المخاصمة والعناد. وأخذ بأسباب الإصلاح قبل أن يشهر العداوة والسلاح، ولأسر له النصيحة فيما يرى من العيب قبل أن يفشيه جهرا وعلانية، فلربما كان في إفشاء العيب رذيلتان: رذيلة الاغتياب، ورذيلة الإفشاء. •••
أيها الناس، لا تتقولوا جهارا على فلان إن شذ، أو خرج لتؤذوه، ولا تتقولوا على فلان إنه أساء لتضروه، فإنكم تبوءون بإثم المغتاب إن كان ما تدعون صدقا، وتبوءون بجريرة المختلق الأثيم إن كان زورا وبهتانا.
حقوق الأفراد
15 من أغسطس سنة 1925
لعباد الله من الله حقوق يجب أن تصان. لهم حقوق أساسية هي الأصول لكل ما يتفرع عنها من حقوق، وهي التي يترتب عليها كل ما يطالب به الإنسان من واجب.
لعباد الله من الله حق الحياة، فواجب عليهم صيانتها وعدم العبث بها حتى تستخدم لما جعلت له من واجبات هذا الوجود.
ولعباد الله من الله أن يكونوا أحرارا في مظاهر عيشهم ومسعاهم، وذلك؛ لأن الذي يريد أن ينعم بهبة الحياة لا يستطيع أن يعمل حسبما تقتضيه شؤونها وظروفها إلا إذا كان حرا طليقا، لا يعطله عن أفعاله معطل، ولا تقف عقبة في سبيل شعوره بأنه الفاعل لما يفعل ويريد، وأنه المسئول عما يهم به ويفعله.
ولعباد الله من الله أن يكونوا أحرارا في إطلاق ملكاتهم المفكرة، تسير في داراتها، كما تسير في الفضاء الواسع، تلك الشموس والأقمار لا تتقيد في سيرها إلا بسبلها الخاصة من أساليب المنطق السليم ومناحي النظر المستقيم. ولتلك الملكات البشرية أن تتوغل ما استطاعت، وما طاب لها التوغل في مسالك المنطق والنظر. وما كان العقل لابن آدم إلا ليتعقل به، ولم تكن له ملكات التفكير إلا لتؤدي وظيفتها من بحث وتفكير. •••
تلك هي حقوق الإنسان الأولية التي تستلزم واجباته الأولية، فحقك الذي ترعاه من الحياة يدعو إلى تقديرك للواجب نحو الحياة، وحقك الذي ترعاه في أن تكون حرا في سعيك، يدعو إلى واجبك في تقدير حرية المسعى والعمل. وحقك في أن تعتقد وأنت حر، وأن تفكر بحرية، يقضي بواجبك في تقدير عقائد الغير وحرية الغير في التفكير.
تلك حقوق لا حد لها إلا حق الغير فيها، وأن كل تضييع، أو تفريط في تلك الحقوق، أو في بعضها لهو تفريط في إنسانية الإنسان، أو في بعض ما له من معنى هذه الإنسانية.
অজানা পৃষ্ঠা