39

খাতারাত নাফস

خطرات نفس

জনগুলি

فإلى بحر الظلمات، أيتها الباخرة، أو إلى بحر الزمهرير، أو إلى منطقة يجهلها الإنسان، فأنسى عند هذا العالم الجديد الذي تذهبين بي إليه كل ما يسوء الماضي، وكل منظر مكروه من مناظر الغبراء. فلا أرى شكلا من أشكال الشقاء، ولا أرى صورة من صور الخداع والنفاق، ولا أرى صورة من صور المذلة والخنوع، ولا أخضع لقانون من تلك القوانين الفاسدة التي ينوء بها ظهر الأرض، ويروجها الإنسان بحماقته وظلمه.

ولكن الباخرة لم تكد تتحرك حتى ضعفت في نفسي سورة الغضب، ثم أخذت تخف قليلا قليلا مع سير السفينة. ولما كاد يختفي عن ناظري مرأى الشاطئ وما عليه ومن عليه من الأهل والإخوان خمدت السورة، وخبت النار، وحل محلها في القلب نسيم الحنين.

أقول للباخرة عندئذ سيري في رعاية الله، أيتها الباخرة، ثم عودي بي إلى أرض أحفظ منها صورة ابتسامة مشرقة، وأعي منها صدى دعوات خالصة، وأعرف لي فيها إخوانا وأحباء، وأصيب من جهود عاملها خيرا، وأرعى فيها صبية وصغارا، وأعالج فيها أملا عزيزا.

سيري أيتها الباخرة، ثم عودي بي إلى أرض الأحباء. حيا الله مصر. حيا الله الوطن.

الاكروبوليس

القاهرة في 3 من أغسطس سنة 1923

وقفة بالحصن المقدس

من نحو ثمانية وخمسين حولا، جاء إلى هذه الهضبة العالية التي تشرف من الجنوب على مدينة آثينا، رجل كان قد بلغ من العمر وقتئذ سن الرجولة، محيط بتاريخ البشر، عالم بتطور المدنيات، فوقف ساعة على سطحها بين معابدها البالية التي شهدت نحو خمسة وعشرين قرنا خلت وقفة أنزلت على نفسه كلاما صافيا نقيا نيرا، أشبه بكلام المأخوذين المسبحين بجلال الكون وعظمة الله.

اسم هذا الرجل رينان، وكان من أكابر البشر، ولقد تضمن قوله عن معابد «الاكروبوليس» نوعا من التمجيد لذوق الإغريق وفنهم وعلمهم وتاريخهم، حتى صغر عنده حيال عبقرية اليونان كل أثر من آثار الشعوب الأخرى، وقل في نظره أمامها كل جليل من مجهود القرائح.

جئت إلى هذه الصخرة، ولست متدرعا بما تدرع به رينان من العلم، ولا أملك قلما كقلمه يسيل بالعذوبة والبيان. ولكني جئت إليها بقلب هيأته الظروف لأن يحس بما يحس به فؤاد صحيح. لأن يحس المؤثرين الخالدين الجمال والألم

অজানা পৃষ্ঠা