103

জ্ঞানের মানচিত্র

خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن

জনগুলি

في نفس العام الذي نشر فيه فيزاليوس كتابه «بنية جسم الإنسان»، عكف جورج يواكيم ريتيكوس، الذي كان أستاذا شابا في التشريح، في مدينة نورنبرج المزدحمة، على تحضير عمل علمي رائد للطبع. كان من شأن كتاب «حول دوران الأجرام السماوية»، الذي كتبه معلمه البولندي المتوحد، نيكولاس كوبرنيكوس، أن يكون له أثر بالغ مماثل، وإن كان في فترة زمنية مختلفة. لاقى كتاب فيزاليوس «بنية جسم الإنسان» نجاحا باهرا على الفور، وبيع بأعداد ضخمة وجعله من المشاهير في عالم الطب. حاز الكتاب جاذبية ورواجا كبيرا، لدى الأطباء الممارسين وكذلك لدى الفنانين، وكان مؤلفه شابا ومتحمسا يجيد الترويج والدعاية لنفسه. كان الوضع مختلفا جدا في حالة كوبرنيكوس؛ فلم يكن كتابه «حول دوران الأجرام السماوية» ليصبح من أكثر الكتب مبيعا أبدا؛ فالكتاب «يخلو من الحيوية من ناحية الطباعة وشديد التخصص»، ولم تكن محتوياته المعقدة والعويصة لتثير اهتمام سوى عدد صغير من علماء الفلك الأكاديميين، وكان أقل ما يمكن قوله عن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه، وهو أن الشمس في مركز الكون، أنه كان مثار خلاف.

5

كان كوبرنيكوس ممانعا لنشر الكتاب، وشعر بقلق مبرر بشأن ردود الأفعال عند تلقيه. كان شخصا يميل جدا إلى الخصوصية، فبعد أن أنهى دراسته في جامعة بادوا، أمضى جل البقية الباقية من حياته يعمل في عزلة في بولندا. وعند نشر كتاب «حول دوران الأجرام السماوية»، كان قد صار مسنا، ومات في العام نفسه.

شكل 2: صورتان إيضاحيتان مطبوعتان بقوالب خشبية ل «الرجل العظمي» و«الرجل العضلي» من كتاب فيزاليوس «بنية جسم الإنسان». باعتبارهما مخططين تشريحيين وكذلك عملين فنيين، فقد علما وألهما أجيالا من الفنانين والأطباء في أنحاء أوروبا.

أمضى كوبرنيكوس عشرات السنين يدرس فلك بطليموس، وكانت القضية الرئيسية التي شغلته هي فترة التأخر التي حدثت بين النموذج المتوقع والحركات الفعلية للسماء. وصار هذا واضحا أكثر فأكثر بمرور الوقت وكان مصدر إزعاج لعلماء الفلك لقرون، ولكن على الرغم من المحاولات العديدة، لم يتمكن أحد من التغلب على هذه المشكلة. كان التضارب بين الاثنين يظهر على نحو أخص عندما كان الأمر يتعلق بالاعتدال الربيعي، وكان من المهم توقع هذا بدقة؛ لأن تاريخ الفصح كان يقع في يوم الأحد الذي يأتي بعد أول بدر بعد الاعتدال. كان كوبرنيكوس مهتما اهتماما خاصا بهذه المشكلة، باعتبارها قانونا كنسيا. وكان نهجه ثوريا؛ إذ أخذ كون بطليموس وأعاد تصميمه بالكامل، واضعا الشمس في المركز، والكواكب، التي تشمل الآن الأرض، تدور حولها. احتفظ كوبرنيكوس بمخطط بطليموس الهندسي في نظامه الجديد للكون، موفرا استمرارية مهمة مكنت رفاقه من علماء الفلك وأولئك الذين سيأتون في الأجيال القادمة من تطوير أفكاره بفاعلية، وأشار إلى هذا الجانب من العمل باقتباسه للعبارة التي كانت معلقة على أبواب أكاديمية أفلاطون ووضع إياها على الصفحة الأولى للكتاب: «لا تدعوا أي جاهل بالهندسة يدخل إلى هنا.» كان عالم الفلك اليوناني أرسطرخس الساموسي هو في الأصل من اقترح فكرة مركزية الشمس هذه قبل ذلك بثمانية عشر قرنا، ولم يكن مرور الوقت قد جعل من الأيسر قبول أن الأرض هي ببساطة واحد من كواكب عديدة، وليست الجرم السماوي المميز الذي يدور حوله الكون، والأسوأ من ذلك أنه كان يعني قبول فكرة أن الأرض التي تبدو ثابتة هي، في الواقع، تندفع خلال الفضاء في دورانها حول الشمس، والقول إن هذا أصاب الناس بصدمة هو تهوين من هول ما حدث بالفعل.

غير هذا الكون الجديد القائم على مركزية الشمس موقع الإنسانية من الكون تغييرا جذريا؛ وتطلب قبول الأمر جهدا نفسيا وعاطفيا ضخما، ولم يكن هذا أمرا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها؛ إذ تعارض الأمر تعارضا تاما مع التعاليم الدينية. «أصغى الناس إلى منجم مغرور سعى لإظهار أن الأرض، وليس السماء ولا القبة الزرقاء، تدور حول الشمس والقمر ... يرغب هذا الأحمق في أن يعكس علم الفلك برمته، ولكن الكتاب المقدس يخبرنا [سفر يوشع، الإصحاح العاشر، الآية 13] بأن يوشع أمر الشمس، وليس الأرض، بأن تقف ثابتة.» هكذا همهم مارتن لوثر، عندما سمع شائعة عن نظرية كوبرنيكوس.

6

كان لوثر نفسه صاحب فكر ثوري؛ لذا ليس مفاجئا أن الكنيسة الكاثوليكية، معقل التقاليد والامتثال، كانت أكثر منه جزعا. غالبا ما تتعرض الاكتشافات العلمية الثورية حقا، التي تبدأ بإحداث تغيير نموذجي، للرفض على الفور (وبخاصة من قبل السلطات الدينية)، قبل أن يجري تدريجيا اختبارها وتحسينها وقبولها على مدى فترة زمنية طويلة. كان من الواضح أن هذا هو الحال مع الأعداد الهندية العربية، التي استغرقت قرونا لتكون مقبولة عموما، في الإمبراطورية الإسلامية وأيضا في أوروبا المسيحية بعد ذلك، حيث كان الناس قلقين خصوصا من امتلاك الصفر لخواص شيطانية خطرة.

شكل 3: كون كوبرنيكوس وفيه الشمس في المركز، والكواكب تدور حولها في حلقات متحدة المركز. الأرض في الحلقة الثالثة، وقمرها البالغ الصغر يحوم فوقها.

من المؤكد أن الشيء نفسه انطبق على نظرية مركزية الشمس، التي لم تدرك عواقبها إدراكا تاما حتى القرن التالي؛ فبينما كان كتاب «حول دوران الأجرام السماوية» بعيدا كل البعد عن كونه أحد الكتب الأكثر مبيعا، شاعت نسخ منه عبر شبكات العلماء والباحثين الأوروبيين أثناء عقود ما بعد ظهوره، ووصلت إلى أيدي أساتذة علم الفلك وطلابه. على النقيض من عمل فيزاليوس في التشريح، لم يحتو كتاب «حول دوران الأجرام السماوية» على كثير من بيانات الرصد الجديدة، ولكن في القرن التالي، أنشأ تيخو براهي، الذي كان نبيلا دنماركيا، بنفسه مرصدا على جزيرة فين، في مضيق كاتيجات، بين ساحلي الدنمارك والسويد، وملأه بأجهزة متطورة، قادرة على القيام بعمليات رصد فلكي أكثر دقة بكثير عما كان ممكنا في السابق. وبتطبيق هذه الأجهزة على حالة كون كوبرنيكوس الجديد، قضى على نظام المجالات الدائرية لبطليموس، ففتح الباب أمام إمكانية وجود تمثيل للكون أكثر تعقيدا ودقة بكثير. كان من خطا الخطوة التالية هو يوهان كيبلر، الذي رفض، مستعينا ببيانات براهي، نظرية بطليموس القائلة إن الكواكب تتحرك حركة منتظمة في مدارات دائرية، مؤيدا الحركة البيضاوية؛ الأمر الذي مثل خطوة ضخمة أخرى إلى الأمام في فهمنا للنظام الشمسي. •••

অজানা পৃষ্ঠা