কেইন্স: একটি খুব সংক্ষিপ্ত পরিচিতি

সিআবদ রহমান মাজদি d. 1450 AH
32

কেইন্স: একটি খুব সংক্ষিপ্ত পরিচিতি

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

জনগুলি

أتاح الجدل الذي أثاره كتيب «كيف تمول الحرب؟» الفرصة لكينز ليربط أفكاره الاقتصادية الجديدة بالأفكار السياسية الخاصة بالطريق الوسط، وهي الأفكار التي اعتنقها منذ عشرينيات القرن العشرين. إن «الطريقة الطبيعية» (أي التضخم) لإعادة توزيع الدخل من العمال لأصحاب المشروعات، ثم فرض ضريبة عليها، لم تعد تنفع - كما قال كينز - لأن ارتفاع الأسعار في ظل الظروف الجديدة، وهي قوة الاتحادات العمالية، سيقابل بمطالب لزيادة الأجور بذات القدر؛ وذلك إما أن يتحقق، وهو ما سيمنع تقليل الاستهلاك المدني؛ أو لا يتحقق، وهو ما سيتسبب في اضطراب الصناعة. فاستقرار الأسعار كان نتاج تعاون الاتحادات العمالية؛ وهي فكرة تعود لأيامه الأولى في عمله باعتباره مصلحا نقديا. فالهدف من خطته كان «اجتماعيا: وهو منع الأضرار الاجتماعية للتضخم في الحاضر والمستقبل، وتحقيق ذلك بشكل يرضي الحس العام للعدالة الاجتماعية، مع الحفاظ في نفس الوقت على دوافع كافية للعمل والاقتصاد»؛ لذا كانت أهمية اقتراحات كينز مزدوجة؛ فقد سعت للتحايل على مشكلة التضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف في ظل مستوى التوظيف الكامل، وأناطت بالميزانية دورا في السياسة الاجتماعية يتجاوز الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي.

من ناحية أخرى، كانت تلك الاقتراحات معاكسة للفكر اليساري؛ فقد رأى معظم الاشتراكيين أن الحرب أتاحت الفرصة للتخطيط المادي لا المالي. فتوزيع الدولة للقوة البشرية والموارد حسب «الضرورات القومية» سيقضي على «الفوضى» في السوق. كما كان لتحديد حصص للمواد الغذائية والملابس جاذبية أكبر فيما يتعلق بالمساواة من «الادخار القسري». فكان الاختلاف هو أن خطة كينز تركت التصرف في الدخول بعد الحرب للحرية الشخصية، بينما فرض نظام الحصص أن ينفق الأفراد أموالهم على السلع وبالكميات التي حددتها الدولة. وكتب كينز في صحيفة «ذا تايمز» في 18 أبريل عام 1940 يقول: «إنني أستغل الفرصة لطرح مبدأ في السياسة الاقتصادية ربما ينظر إليه باعتباره الحد الفاصل بين الاقتصاد الشمولي والاقتصاد الحر.» وبالمثل، فإن الاتجاه إلى الدفع المؤجل «عن طريق السماح للأفراد بأن يختاروا بأنفسهم ما يريدون سيوفر على الحكومة وضع خطط شاملة للإنفاق (بعد الحرب) ربما لا تتفق كثيرا مع الاحتياجات الشخصية.» مرة أخرى قدم كينز طريقا وسطا بين «بطلان الفكر اليساري الذي فرغ العديد من القضايا الهامة من حكمتها وقوتها الداخلية» و«جمود» رد فعل اليمين على أي عبث بالنظام القائم. لقد خسر كينز من الناحية العملية معركته مع المخططين المركزيين، وحل تنظيم إجمالي الإنفاق في المرتبة الثانية بعد توزيع القوة البشرية والتوزيع المادي للمدخلات وتحديد حصص السلع الاستهلاكية.

لكن دور كينز كان أصغر بكثير في الورقة البيضاء الشهيرة الخاصة بسياسة التوظيف القائمة على الأفكار الكينزية، التي أصدرت في 26 مايو 1944 (قرار رقم 6527). وألزمت الجملة الأولى منها - التي رأى كينز أنها «أهم مما جاء في باقي الورقة» - الحكومة ب «ضمان وجود نسبة توظيف عالية ومستقرة بعد الحرب». لكن نص الورقة البيضاء كان حلا وسطا بين مؤيدي كينز في القسم الاقتصادي من الحكومة، والمتشككين التقليديين في وزارة الخزانة الذين شعروا بضرورة تقديم تنازلات نتيجة الضغوط السياسية. كان جزء كبير من تحليل الورقة لمشكلة البطالة المتوقعة مخالفا لفكر كينز؛ إذ عكس وجهة نظر هوبرت هيندرسون، والتي ترى أن مشكلات الاقتصاد البريطاني كانت من ناحية العرض لا الطلب. لكن لم ينتبه كثيرا إلى كيفية تحقيق الشرطين الواردين في الورقة لتحقيق مستوى «توظيف عال» مستقر ودائم؛ وهما: اعتدال سياسة الأجور (مسئولية أصحاب الأعمال والعمالة النقابية)، والمرونة الكافية لليد العاملة.

كان الاقتصاد الدولي هو المستهدف من خطة كينز التالية؛ فنظام معيار الذهب/التبادل الحر المتوارث يبدو أنه قد دمر بشكل يتعذر إصلاحه على يد الحرب العالمية الأولى والكساد الكبير والسياسات الاقتصادية القومية في سنوات ما بين الحربين. وكان السؤال هو: هل يمكن للاستمرار في العمل بالترتيبات الخاصة بالتفضيل الإمبريالي/منطقة الاسترليني التي وضعت في ثلاثينيات القرن العشرين أن يضمن مستوى التوظيف الكامل في بريطانيا؟ أم أن الحرب قدمت فرصة «لعملية خلق جديدة» كانت مستحيلة وقت السلم لإحياء النظام الليبرالي، لكن دون أن تكون له نزعة تضخمية؛ تلك النزعة التي دمرت النظام القديم؟ شغل هذا السؤال جزءا كبيرا من انتباه كينز وجهده المتناقص فيما بين عامي 1941 و1944. وكانت الإجابة لدى الولايات المتحدة؛ حيث إن السياسة الأمريكية هي التي حددت شكل النظام بعد الحرب.

يوفر تعامل كينز مع الولايات المتحدة سياقا هاما لفهم أفكاره الاقتصادية؛ فهؤلاء الذين يستقون معرفتهم بكينز فقط من نموذج «الاقتصاد المغلق» الوارد في كتابه «النظرية العامة» يغفلون أن المشكلة التي أرقته طوال معظم حياته المهنية كان سببها آثار الاستدانة غير المتوازنة من الولايات المتحدة على الاقتصاد البريطاني. وتركزت معظم خططه الاقتصادية على محاولة تحديد طرق التغلب على هذا الخلل أو معاوضته. وكانت النتيجة تأسيس نظام بريتون وودز عام 1944، والتفاوض على القرض الأمريكي عام 1945؛ وهو ما نتج عنه قبول بريطانيا ضمنيا بدور هامشي في النظام الاقتصادي الدولي الذي تديره الولايات المتحدة. لكن لم يكن أي من تلك النتائج نهائيا؛ إذ قضى كينز معظم حياته في استكشاف البدائل بهمة.

في عشرينيات القرن العشرين أراد كينز، كما رأينا، أن يفصل النظام المالي البريطاني (والأوروبي بشكل أوسع) عن النظام المالي الأمريكي. لكنه حتى في كتابه «بحث في الإصلاح النقدي» لم يؤيد تعويم العملة؛ فقد أراد وضع نظام «مدار» لسعر الصرف؛ نظام لإحداث استقرار في أسعار الصرف لفترات طويلة. وطالما تاق لنظام يتيح تثبيت سعر الصرف، مع صلاحيات وآليات لإكسابه المرونة. وفي كل من أوائل عشرينيات القرن العشرين وأوائل ثلاثينياته، حينما حدث تعويم لأسعار العملات بعضها مقابل بعض، اقترح كينز العودة إلى نظام معدل لمعيار الذهب يقوم في أوقات مختلفة على نطاقات واسعة من الأسعار أو أسعار صرف قابلة للتعديل أو التعديل التلقائي لحسابات الدائنين أو الأرصدة الاحتياطية الإضافية؛ فقد كان كينز مقتنعا أن أي نظام لتثبيت سعر الصرف سينهار إذا استخدم باعتباره أداة لتحقيق الانكماش، وأنه سينجح في وجود سياسات داعمة له تضمن التوظيف الكامل عبر الوقت. وستساعد أسعار الفائدة المستقرة بدورها على الحفاظ على استمرار النمو العالمي، وستعمل باعتبارها أداة لمنع التضخم.

وكما قال كينجسلي مارتن، كانت استجابة كينز الفورية حيال التخلي عن معيار الذهب في عام 1931 مميزة حيث قال: «لقد استعادت بريطانيا بضربة واحدة هيمنتها المالية على العالم، وكانت فرحتها فرحة صبي أطلق ألعابا نارية على شخص لا يحبه.» وأوحى الظهور التلقائي لكتلة الاسترليني إلى كينز بفكرة وضع «نظام جيد للجنيه الاسترليني في الإمبراطورية ... يديره بنك إنجلترا ويتمحور حول لندن.» وأشاد كينز بسياسة بنك إنجلترا القومية ل «تعقيم» تدفقات الذهب لإبقاء الجنيه أدنى من قيمته أمام الدولار والفرنك اللذين أبقيا على استخدام معيار الذهب، تماما كما أشاد بنفس السياسة التي اتبعها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في عشرينيات القرن العشرين.

لكن لم تدم هذه النشوة طويلا؛ فقد أنهى قرار روزفلت بتخفيض قيمة الدولار أمام الذهب في 19 أبريل 1933 ميزة بريطانيا التنافسية القصيرة الأجل. واقترح كينز عندها أن تربط بريطانيا والولايات المتحدة عملتيهما بمعيار ذهب معدل ما دام أنهما يطبقان سياسات إنعاش اقتصادي على نحو مشترك. لكنه أعلن في 4 يوليو 1933 أن «الرئيس روزفلت كان محقا على نحو رائع» عندما أفسد المؤتمر الاقتصادي العالمي بلندن برفضه كل خطط استقرار العملات باعتبارها «أصنام من يسمون أنفسهم المصرفيين الدوليين». وأيد كينز ذلك قائلا: «لتكن الشئون المالية قومية بالأساس.»

لا يمكن فهم هذه التغيرات إلا مع الانتباه إلى أن كينز كان يقدم النصيحة التي كان يرى أنها تخدم بريطانيا على نحو أفضل؛ فقد رأى أن الجنيه والدولار يمكن الربط بينهما على نحو آمن في حالة تحقق شروط معينة. ولخص موقفه في خطاب بعثه لمراسل ألماني في 13 أكتوبر 1936، جاء فيه ما يلي: (1)

إنني أؤيد على نحو عام الأنظمة الوطنية المستقلة ذات أسعار الصرف المتقلبة. (2)

অজানা পৃষ্ঠা