4
إذا سار التعاقب إلى اللانهاية نازلا من درجة إلى درجة، فمن ثم لا يكون واجبا أن المتأخر يكون مطلقا. ولكن حتى هذا لا يكون واجبا بحسب الفرض الموضوع آنفا؛ لأنه سيوجد دائما شيء آخر يتقدم بالضرورة على المتأخر، وهذا الشيء الآخر يجب أن يكون بالضرورة أيضا. وبالنتيجة كما أنه لا يوجد مبدأ ممكن للانهاية فلن يوجد كذلك حد أول عامل على أن الأخير يجب أن يكون بالضرورة.
5
ولكن حتى في الأشياء التي لها حد منته لا يصدق القول بأنه يوجد وجوب لأن تكون الكائنات على الإطلاق، مثال ذلك أن البيت قد كان لأن الأساس قد كان؛ لأنه إذا البيت كان من غير وجوب وجود دائم بالضرورة فينتج منه أن ما يمكن ألا يكون دائما يكون دائما. ولكن شيئا لا يمكن أن يكون دائما من حيث كونه إلا إذا كان هذا الكون واجبا لأن الواجب والأزلي يتمشيان معا، فما يكون وجوبا لا يمكن ألا يكون، وعلى هذا إذا كان وجوبا فهو بذلك نفسه أزلي، وإذا كان أزليا فهو واجب الوجود، وكذلك الحال أيضا إذا كان كون الشيء واجبا، فهذا الكون هو أزلي أيضا، وما دام أزليا فهو واجب الوجود على سواء.
6
وإذا كان إذن الكون المطلق لشيء هو واجبا لزم ضرورة أن يكون هذا الكون دائريا ويرجع على نفسه؛ لأنه يلزم مطلقا إما للكون حدا أو ليس له حد، فإن لم يكن له لزم أن يقع على خط مستقيم أو على دائرة، ولكنه ليكون أزليا محال أن يكون على خط مستقيم؛ لأنه حينئذ لا يكون له ابتداء لا من تحت كما نرى أخذا بالأشياء التي ستكون ولا من فوق إذا أخذنا بالأشياء التي قد كانت. ولكنه يلزم ضرورة ابتداء للكون من غير أن يكون محدودا، وإنه يجب أن يكون أزليا؛ فيوجد إذن ضرورة لأن يكون الكون دائريا، وعلى هذا النحو أن التكافؤ أو الرجوع يكون واجبا، ومثلا لو أن شيئا كائن بالواجب لكان المتقدم على هذا الشيء هو واجبا أيضا، وإذا كان هذا المتقدم واجبا يلزم وجوبا أيضا أن المتأخر يكون ... وهاك إذن إتصالا أزليا حقيقيا؛ لأنه لا يهم أن يقع الاتصال بين وسيطين أو عدة وسطاء. على هذا فالوجوب المطلق لا يوجد إلا في الحركة وفي الكون الدائري، ومتى وجدت الدائرة فكل شيء يكون أو كان بالواجب. وكذلك إذا وجد وجوب فالكون يقع دائريا.
7
كل هذا الترتيب هو غاية في المعقول، وما دام قد بين أيضا في موطن آخر أن الحركة الدائرية هي أزلية كما هي الحال في حركة السماء، فبديهي أن كل ذلك يقع وسيقع بالواجب، وأن كل الحركات التي تتصل بتلك والتي تنتجها هي واجبة مثلها؛ لأنه إذا كان الجسم الذي يقبل أزليا الحركة الدائرية يوصلها إلى جسم آخر فينتج منه أن حركة هذه الأجسام الأخر يجب أن تكون دائرية أيضا، ومثلا لما أن النقلة تحصل بطريقة ما في الأفلاك العليا فيلزم أن الشمس تتحرك بالطريقة عينها. ومتى كان هذا هكذا بالنسبة إلى الشمس فللفصول بهذه العلة مجرى دائري وترجع دوريا. وما دامت كل هذه الظواهر العظمى تقع بهذه الطريقة فكل الظواهر السفلى تحصل بالانتظام عينه.
8
ولكن حينما توجد أشياء تتحقق بالفعل على هذا النحو، ومثلا حينما الماء والهواء يكون لهما هذه الحركة الدائرية ما دام أنه لأجل تكوين السحاب يلزم أن تكون قد أمطرت، ولأجل أن تمطر يجب أن يوجد السحاب، فكيف يحصل أن الناس والحيوانات لا تعود هي أيضا على نفسها بحيث إن الشخص نفسه يظهر مرة أخرى؟ لأنه من أن أباك قد كان، لا ينتج ضرورة أنك كان يجب أن تكون. والذي هو ضروري فقط إنما هو أنه إذا كنت فيلزم أن أباك قد كان. والعلة في ذلك هي أنه إنما هذا تناسل يقع على خط مستقيم.
অজানা পৃষ্ঠা