1
ديمقريطس هو الوحيد - خلافا لجميع الآخرين - الذي قدم في هذا رأيا خاصا؛ فهو يقرر أن هذا الذي يفعل وهذا الذي يقبل هو في الحقيقة مماثل ومشابه؛ لأنه لا يوافق على أن أشياء مختلفة ومتغايرة تماما يمكنها أن تقبل أياما بعضها من بعض، وإذا كان بعض الأشياء، مع كونها متغايرة بينها، لها بعضها على بعض فعل ما متكافئ فهذه الظاهرة - على رأيه - تقع فيها لا بما هي متخالفة، بل بما هي على الضد من ذلك لها نقطة ما من المشابهة والمماثلة.
2
تلك هي إذن الآراء التي قررت قبلنا. ولكن الفلاسفة الذين قرروها قد يظهر أنهم تناقضوا فيما بينهم، والسبب في اختلافهم في هذا الصدد هو أنه في مسألة يلزم فيها اعتبار مجموع الموضوع لم يعتبروا فيه هؤلاء وهؤلاء إلا جزءا واحدا.
3
وفي الحق أن ما هو شبيه تماما ولا يغاير مطلقا بأي وجه ما لا يمكنه مطلقا أن يحتمل شيئا ولا أن يقبل شيئا من قبل شبيهه. لماذا؟ في الحق، إن أحد الشيئين يفعل دون الآخر! فإذا كان ممكنا أن الشيء يقبل بأي طريقة من شبيهه إذن يمكنه أن يقبل أيضا من ذاته، وحينئذ مع التسليم بهذا فينتج منه أن لا شيء في الدنيا يكون غير قابل للفناء ولا غير متحرك إذا فرض أن الشبيه بما هو شبيه يمكنه أن يفعل ما دام حينئذ كل موجود أيا كان يمكنه أن يعطي الحركة لنفسه ويعطيها أيضا على السواء للموجود المغاير تماما، والذي ليس به تماثل ما.
وفي الواقع إن البياض لا يمكنه أن يقبل أي فعل من قبل خط ، ولا أن خطا ينفعل بشيء من قبل البياض إلا ما ربما يكون بالعرض والواسطة: مثلا في حالة ما إذا كان الخط بالمصادفة أبيض أو أسود؛ لأن الأشياء لا يمكنها أن تغير طبعها عفوا من تلقاء أنفسها متى لم تكن أضدادا بعضها لبعض أو غير آتية من أضداد.
4
ولكن لما أن فعل وانفعل ليسا بالطبع خاصية أي جسم اتفق وأخذ بالمصادفة، وأنهما لا يكونان إلا في الأشياء الأضداد بعضها لبعض أو التي بينها تضاد ما؛ فينتج من ذلك ضرورة أن الفاعل والقابل يجب أن يكونا شبيهين ومتحدين بجنسهما بالأقل، وأن يكونا غير متشابهين ومتضادين بنوعهما، على هذا تريد الطبيعة أن الجسم يقبل فعل الجسم والطعم يقبل فعل الطعم واللون فعل اللون. وعلى جملة من القول إن شيئا مجانسا يمكن أن يقبل فعلا من قبل الشيء المجانس، والسبب فيه أن جميع الأضداد هي من جنس واحد، وأن الأضداد تفعل بعضها في بعض وتقبل بعضها من قبل البعض الآخر؛ إذن يلزم ضرورة أن - من وجه - الفاعل والقابل يكونان متشابهين وفي الحين عينه يلزم أيضا أن يكونا غير متشابهين ومتغايرين بينهما.
5
অজানা পৃষ্ঠা