تلك هي الأعمال التي تناولت الكتاب على ميليسوس وإكسينوفان وغرغياس حتى الآن. وإنه لينبغي أن يضم إليها تحقيق «م. هنري إدواردفوس» على غرغياس الليونتيومي؛
6
إذ إنه نشر فيه - من غير ترجمة النص - الجزء الذي يتعلق على الأخص بغرغياس؛ أي الباب الخامس والسادس من هذا الكتاب الذي نترجمه، وذيله بتفسير.
وبعد هذه التفاصيل اللغوية يلزمنا الكلام على الكتاب ذاته: في أية حال وصل إلينا؟ ومن هو مؤلفه على المشهور؟ وما هي قيمته الذاتية؟
فأولا ما هو العنوان الذي يجب أن يعنون به هذا الكتاب الصغير؟ عند القدماء جميعا تقريبا وعند المتأخرين إلى بحوث أسبلدنج كان عنوانه المجمع عليه على العموم هو: «في إكسينوفان وفي زينون وفي غرياس». أو بحسب مخطوطة ليبزج في زينون وفي إكسينوفان وفي غرغياس»، فإن أسبلدنج بتقريبه شواهد «سمبليسيوس» العديدة من تحاليل هذا الكتاب أبان بطريقة لا تحتمل النقض أن المقصود في الجزء الأول هو ميليسوس لا إكسينوفان؛ فإنه في شرحه الممتع على كتاب الطبيعة لأرسطو قد نقل فقرات تامة من ميليسوس على الموجود أو الطبيعة. وهي مشابهة حتى في ألفاظها في بعض المواطن كل المشابهة للتفاصيل المسطورة في هذا الكتاب الذي نترجمه. فلما وضع أسبلندج هذه الموافقات بعضها قبالة البعض الآخر وقارن بينها وجها لوجه لم يعد بعد في الإمكان إنكار أن ميليسوس هو الفيلسوف المتكلم عنه في البابين الأولين.
إلى هذا الدليل الذي يكفي وحده في إثبات المطلوب ينضم دليل آخر، وهو أنه في فهرس «ديوجين اللايرثي» (ك5 و1 وف25 طبعة فرمين ديدو ص116) ذكر صريح لكتاب أرسطو على مذاهب ميليسوس. وهذا الذكر ليس مفردا، بل يؤكد ديوجين أن أرسطو قد نقد أيضا آراء زينون، وكذلك قد بحث بحثا خاصا في مذاهب أتباع فيثاغورث وأرخيتاس وسبوسيب وأكزينوقراط ... إلخ.
وفهرس ميناش المجهول واضعه يؤيد شهادة ديوجين اللايرثي، وإنه ليذكر أيضا بحوث أرسطو في مذهبي ميليسوس وغرغياس. وما من شيء أقرب إلى الاحتمال من أن يكون أرسطو قد اشتغل بمذاهب ميليسوس؛ إذ إن ما بين أيدينا من كتبه يدلنا على شدة اضطلاعه بجميع الفلسفات المتقدمة على فلسفته، وهو يذكر ميليسوس غالبا. وإننا ذاكرون أكثر من مرة ماذا قال عنه وعن إكسينوفان، سواء في علم الطبيعة أو في علم ما بعد الطبيعة أو غيرهما.
وعلى هذا فالحق في جانب «أسبلدنج» في أن الجزء الأول من هذا الكتاب يتعلق بميليسوس.
ربما نتساءل كيف كان لهذا الشك سبيل إلى هذه النسبة. إذا كان أرسطو ينقد ميليسوس أو فيلسوفا آخر بعينه، فيكون واجبا عليه فيما يظهر أن يسميه باسمه؛ إذ لا مسوغ لهذا الإبهام الذي لا يفسر. ولكنه لسوء الطالع لم يفعل، بل قنع في هذه الكتب بأن يقول دائما: «هو»، دون أن يعين أسسا مرجعا لهذا الضمير. ولا سبيل إلى معرفة من هو المعني بالنقد إلا تعرف صاحب المذهب المنقود من مذهبه نفسه. وعلى ذلك فإن هذا الكتاب إنما كتب بغير عناية في شكله الظاهر على الأقل، وإن مؤلفه أيا كان قد أخطأ في أنه لم يكن مبينا، حتى لقد احتيج إلى فطنة الفلاسفة المتأخرين لسد هذا النقص الذي ربما لا يكون منشؤه إلا خطأ ناسخ.
وإن ما أقوله هنا عن ميليسوس يوشك أن يكون منطبقا على إكسينوفان أيضا؛ فإنه ليس مسمى كذلك في الجزء الثاني من الكتاب، ولكنه مع ذلك لا سبيل إلى الشك في أمره؛ لأن مذاهبه معروفة أكثر من مذاهب ميليسوس، فنسبة ما يقال هنا إليه لا يتطرق إليها الخطأ.
অজানা পৃষ্ঠা