وهي كومة فريكيون، ولاريسافريكيون، وليونتيكوس، وطموس، وكيلا، ونوسيون، وإيغيروسا، وبيطاني، وأيغاي، ومورينا، وغروناي وأزمير، ولكن هذه المدينة الأخيرة قد نزعت من أيديهم وأضيفت إلى الاتحاد اليوناني بفضل الذين نفوا من كولوفون والتجئوا إلى أزمير واستولوا عليها في غفلة من أهلها. وقد ضاع من أيدي الأيوليين أيضا بعض المدن الأخرى التي أسسوها على جبال أيدا. وكان لهم خارج القارة خمس مدائن بجزيرة لسبوس، وواحدة بجزيرة طندوس، وأخرى في مجموع الجزر الصغيرة التي كان يطلق عليها اسم مائة الجزيرة منذ زمان هيرودوت. ولم يكن للمدائن الأيولية من الاسم إلا الخمول، وكانت أرض أيولس أحسن من أرض يونيا، ولكن جوها كان أقسى من جو الأخرى خصوصا في سرعة التقلب.
وأما اليونان فكان لهم اثنتا عشرة مدينة كلها على التقريب مشهورة، وهي: ملطية وميوس وبربينة في قاريا، وإيفيزوس وكولوفون وليبيدوس وطيوس وكلازومين وفوكاية في ليديا وإيروطراي على اللسان الذي يكونه جبل ميماس. وكان لهم جزيرتان: سموس في الجنوب، وشيوز في الشمال، ومن الغريب أن اليونان كان لهم أربع لهجات متباينة جد التباين: لهجة سموس، وكانت لا تشابه واحدة من الثلاث الأخرى، وملطية وميوس وبريينة كان لها ثلاثتها لهجة واحدة، وللمدن الست الأخرى لهجتها، وكان أهل شيوز وإيروطراي يتكلمون بلسان واحد.
أما الدوريون الذين جاءوا بعد الآخرين فكان قرارهم في الجزء الجنوبي، وليس مدق الدوريون لهم إلا ست مدن نزل عددهم إلى خمس بعد قليل، وهي: لندوس، وياليسوس، وكاميروس في جزيرة رودس، وقوص، وكنيدس، وهاليكارناس. على أن هذه المدينة الأخيرة قد عزلت عن الاتحاد الدوري عقابا لها على أن أحد أهلها كان اتهم بانتهاك بعض الحرمات المقدسة.
كل واحد من هذه الاتحادات الصغيرة كان له معبد جامع مشترك يجتمعون فيه؛ فللدوريين معبد طريوبيون، ولليونان معبد نبتون هلليكوني على رأس موكالي في مواجهة سموس تقريبا، وفي هذا المعبد كان يجتمع مجلس الاتحاد اليوناني المسمى بأنيونيون، والذي كان يرأسه دائما شاب من شبان بريينة، ولا يعرف بالضبط معبد الأيوليين. كانت هذه المعابد لإقامة الأعياد الدينية عادة، غير أنهم في الظروف الخطيرة كانوا يتداولون فيها في أمر أخطار الحلف وفيما يمس منافعهم الكبرى.
لم تك هذه المستعمرات لتشغل جغرافيا إلا مساحة ضيقة. فلو أن شهرة المدائن والممالك كانت تقاس بمقدار امتدادها لظلت هذه المستعمرات مجهولة في التاريخ؛ فإن مساحة المستعمرات الأيولية واليونانية والدورية لا يكاد يتجاوز مجموعها70 فرسخا في الطول على 15 أو20 فرسخا في العرض؛ أي أقل من ثلاث درجات في خطوط الطول وأقل من درجة في خطوط العرض. ومساحة لسبوس خمسة عشر طولا على خمسة عرضا، وسموس لا يبلغ محيطها 30 فرسخا، وشيوز أكبر منها قليلا.
ومن الطبيعي أن أهتم بأمر اليونان أكثر من الآخرين؛ فإنهم كانوا أكثر نشاطا وحذقا في الملاحة والتجارة والسياسة والفنون والعلوم والآداب. ومن الأمم كثيرة العدد من كان أثرهم أقل ألف مرة من أثر اليونان.
لما ترك اليونان أشاية الواقعة شمال بيلوبونيز على خليج كرسا، كان لهم فيها اثنتا عشرة مقاطعة أو مدينة، واستصحابا لتذكار وطنهم الأول لم يشاءوا أن يؤسسوا في آسيا من المستعمرات عددا أكثر مما كان لهم في إغريقا. ولما طردهم الدوريون الذين أغاروا على بيلوبونيز من الشمال اجتازوا برزخ كورنتة، واحتموا إلى أجل ما على الأقل في أطيقا، وهي الملجأ العادي لجميع المنفيين كما نبه إليه طوكوديدس في مقدمة تاريخه. وعما قليل ضاقت أطيقا القليلة الخصب ذرعا بأهلها، واضطر نازحو أشاية إلى البحث عن ملجأ آخر. وصادف وقتئذ أن قدروس مات ميتة الأبطال دفاعا عن وطنه، ولما ألغي نظام الملوكية لم يتيسر لأبنائه أن يقيموا في بلد انقطع فيه رجاؤهم من ميراث أبيهم، فرأسوا المهاجرين في هجرتهم؛ فأما نيلاوس فولى وجهه شطر ملطية، وأما أندركلوس فاتجه إلى إيفيزوس، ولو صدقنا رخام باروص لقلنا إن نيلاوس هو الذي أسس المدائن الاثنتي عشرة اليونانية وأسس رابطة اتحاد تحت ظل الدين هي البانيونيون الذي لم يكن بعد من القوة على ما كان يرجو مؤسسه.
يظهر أن المهاجرين الذين اقتفوا آثار ابني قدروس كانوا خليطا ولم يكونوا من صميم اليونان كما يمكن أن يظن؛ فإن الذين أتوا من أشاية إلى أطيقا اختلطوا فيها بأجناس مختلفة مختلطة جد الاختلاط، ليس بينهم وبين اليونان جامعة مشتركة بل لا يشابه بعضهم بعضا، إنما كانوا أبانطة من أوبويا، ومنجينيين من أرخومنوس، وقدميين، ودريوبيين، وفوكيين، ومولوس، وأرقديين، وبلاسجة، ودوريين من أبيدورس، وطائفة من أجناس أخر. وكان كل هؤلاء الرحل يعامل بعضهم بعضا على حد المساواة، ومع ذلك كان اليونان الذين هم من نسل شيوخ آتينا يعتبرون أشرف هذا الخليط وإن كان ذلك لم يستتبع أية مزية عملية. وإن تلقيبهم بلقب «اليونان» كان في ذلك الحين وفيما بعده أيضا قليل الرفعة؛ فكان الآتينيون يخجلون منه، وكان الملطيون في أوج قوتهم يحبون أن ينفصلوا من بقية هذا الاتحاد الذي كان دائما قليل الاحترام. وأما اليونان فكانوا من جهتهم أيضا يفخرون بأصلهم، ويقيمون مثابرين الأبتوريا الآتينية، تلك الأعياد الخاصة بالعائلة وبرابطة الأخوة الشعبية التي كانت موجودة في آتينا، ما عدا أهل كولوفون وإيفيزوس فإنهم حرموها على أثر قتل حرام ارتكبوه.
لم تكن المهاجرة هينة ولو أنه كان يرأسها أبناء ملك، فلم يحمل المهاجرون إلى ملطية معهم نساءهم، واتخذوا زوجات بالإكراه، بل عمدوا إلى القاريين فذبحوا منهم الآباء والبعول والأولاد، واستحيوا النساء واتخذوهن زوجات لهم، ولكنهن انتقمن لأنفسهن فأقسمن الأيمان على ألا يطعمن مع غاصبيهن طعاما ولا يدعونهم أزواجا؛ حتى لا يذقنهم حلاوة هذا الدعاء، واستنت بناتهن هذه السنة مع أزواجهن عدة أجيال.
والواقع أن البلد الذي احتله المهاجرون كان محتلا قبلهم زمانا طويلا؛ فقد كان فيه - غير أهليه - خليط من البلاسجة والتوكريين والموصيين والبيثونيين في الشمال، ومن الفريجيين والليديين والمايونيين في الوسط، ومن القاريين والليليج ... إلخ في الجنوب. وكان هؤلاء قبائل منقسمين على أنفسهم أكثر مما هو الشأن في الإغريق، ولو أنهم كانوا يقربون القرابين بالاشتراك، مثال ذلك قرابينهم إلى «مولاسا» في معبد «المشتري» القارئ. في أوائل الأمر لم تكن الممالك التي كمملكة ليديا قد اتخذت نظمها بعد، ولو أن الليديين لما زحزحوا بعد ذلك إلى الوسط نشروا سيادتهم بادئ الأمر على تلك الجهات إلى الشواطئ، وبعثوا منهم طوائف المستعمرين إلى إغريقا الكبرى وإلى أمبريا وعلى شواطئ البحر الترهيني.
অজানা পৃষ্ঠা