فإن قيل فما الحكمة في إيلام غير المكلفين ، قلنا في ذلك قولان أن الله عوضهم حتى خرج من أن يكون ظالما لأن حقيقة الظلم هو التضرر الذي لا يستحقه المفعول به، ليخرج أن يكون عبثا وتصديق ذلك قوله
تعالى { وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا
وكفرا } (1) ففي قتل الغلام حصل عوض يوم العرض وحصل للوالدين
ألطاف كثيرة. لأنهما كانا يحبانه محبة كثيرة وقوله الحكمة في إيلام
الأطفال ليعلموا فضل الآخرة أن ليس فيها ألم.
مسألة
[ الحجة في إيلام المكلفين ]
فإن قيل ما الحجة في إيلام المكلفين يقال في ذلك وجوه الأول أنه يؤلم الأنبياء ومن لا ذنب له لاستحقاق الثواب، كألم الأطفال الثاني يكون الألم كفارة ذنب فيكون الألم عوضا من عذاب النار، الثالث ألم الكفار
والمصرين من الموحدين على ما اكتسبت أيديهم إلا من تاب وإلى ربه أناب، والردع ليعتبر المكلف أن عذاب الألم في الدنيا دون عذاب(2) ليرغب في الأعمال التي يستحق فاعلها الجنة.
مسألة
[ النسيان من الشيطان ]
فإن قيل إن النسيان من الشيطان أم من الرحمن لقوله تعالى { وما أنسانيه إلا الشيطان } (3) قلنا إن الشيطان لعنه الله عاجز لا قدرة له على الخلق والإبداع كقدرة الله ولا نسيان ولا تذكير وإنما هو يشغل الإنسان عن
الطاعة فيكون سببا لكون المعصية من العبد وفسروا قوله تعالى { وما
أنسانيه إلا الشيطان } أي أشغلني أن أخبر بالحوت وقوله تعالى { وإما ينسينك الشيطان } (4) أي يشغلك.
وقال محمد بن محبوب(5)
__________
(1) 2- سورة الكهف آية 80 .
(2) 1- والله أعلم - دون عذاب الآخرة .
(3) 2- سورة الكهف آية 63 .
(4) 3- سورة الأنعام آية 68 .
(5) 1- محمد بن محبوب : هو شيخ المسلمين في زمانه محمد بن محبوب بن الرحيل
ابن سيف بن هبيرة القرشي المخزومي، من أشهر العلماء في زمانه كان مضرب
المثل في العلم والزهد والتقوى، نشأ أيام الإمام غسان بن عبد الله سنة 192ه
وعاصر الإمام المهنا بن جيفر، وتألق نجمه أيام الصلت بن مالك سنة 239 تقلد
القضاء له في صحار من أشياخه موسى بن علي الأزكوي توفي رحمه الله
بصحار يوم الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر محرم سنة 260ه وقبره
بصحار مشهور. عن إتحاف الأعيان ص192 - 194 .
পৃষ্ঠা ৯