الأفق، بحر صرف إليه الآمل (١) الرفق، قل ان يذكر فن الا وركض في مجاله، وأخذه عن رجاله، وكان من الرسوخ والتمكين، حالا من التخلق بالمكان المكين، يرسل النادرة شهابا، وينتهب مجالس الأنس انتهابا، ويتحكم في القول إيجازا واسهابا، خبا بوفاته (٦ب) الكوكب الثاقب، ووريت بمواراته المناقب، ومن شعره في غرض الرثاء: (٢)
حمام حمام فوق أيك الأسى تشدو ... تهيج من الأشجان ما أوجد الوجد
وذلك شجو في حناجرنا شجى ... وذلك لهو في ضمائرنا جد
أرى أرجل الأرزاء تشتد نحونا ... وأيديها تسعى إلينا فتمتد
ونحن أولو سهو عن الامر ما لنا ... سوى أمل إيجابنا عنده جحد
وان خطرت للمرء ذكرى بخاطر ... فتسبيحة الساهي إذا سمع الرعد
مصاب به قدت قلوب وانفس ... لدينا إذا في غيره قطعت برد
تلين له الصم الصلاب وتنهمي ... عيون ويبكي عنده الحجر الصلد
فلا مقلة ترنو ولا أذن تعي ... (٣) ولا راحة تعطو ولا قدم تعدو
وقد كان يبدو الصبر منا تجلدا ... فهذا مصاب صبرنا فيه لا يبدو ومن شعره في غرض العتاب (٤):
روض المشيب تفتحت ازهاره ... حتى استبان ثغامه وبهاره
ودجى الشباب قد استبان صباحه ... وظلامه قد لاح فيه نهاره
_________
(١) ج ك: الآمل إليه.
(٢) النفح ٨: ٢٢٨.
(٣) هذا البيت متقدم على الذي قبله في د.
(٤) نفح الطيب ٨: ٢٢.
1 / 38