منه شيئًا من الفاكهة، فأبى فضربه على رأسه بسوط، فطأطأ إبراهيم له رأسه وقال: اضرب رأسًا طال ما عصى الله فعرفه الجندي وأخذ في الاعتذار إليه فقال إبراهيم: الرأس الذي يليق له الاعتذار تركته ببلخ.
قال رجل لسهل: أريد أن أصحبك فقال: إذا مات أحدنا فمن يصحبه الآخر، فليصحبه الآن.
قيل للفضيل: إن ابنك يقول: قد وددت أني في مكان أرى الناس ولا يروني فبكى الفضيل وقال: يا ويح ابني أفلا أتمها لا أراهم ولا يروني.
قال العارف الكاشي: عند قوله تعالى: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " كل فعل يقرب صاحبه من الله فهو بر ولا يحصل التقرب إليه إلا بالتبري عما سواه؛ فمن أحب شيئًا فقد حجب عن الله تعالى وأشرك شركًا خفيًا لتعلق محبته بغير الله سبحانه، كما قال تعالى: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله " وآثر به نفسه على الله فقد بعد من الله بثلاثة أوجه فإن آثر الله به على نفسه وتصدق به وأخرجه من يده فقد زال البعد وحصل القرب وإلا بقي محجوبًا وإن أنفق من غيره أضعافه فما نال برًا، لعلمه تعالى بما ينفق واحتجابه لغيره.
قال في الإحياء من كتاب العزلة وبيان فوائدها: الفائدة السادسة الخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ومقاساة خلقهم وأخلاقهم، فإن رؤية الثقيل هو العمى الأصغر. قيل للأعمش: لم عمشت عينك فقال: من النظر إلى الثقلاء. ويحكى: أنه دخل عليه أبو حنيفة، فقال له: جاء في الخبر من سلب الله كريمتيه عوضه عنهما ما هو خير منهما فما الذي عوضك؟ فقال في معرض المطايبة: عوضني عنهما أن كفاني رؤية الثقلاء وأنت منهم. لله در من قال:
أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... فطاب الأنس لي وصفى السرور
وأدبني الزمان فلا أبالي ... بأني لا أزار ولا أزور
ولست بسائل ما عشت يومًا ... أسار الجند أم ركب الأمير
أبو الفتح البستي
ألم تر أن المرء طول حياته ... معنى بأمر لا يزال يعالجه
كدود كدود القز ينسج دائمًا ... ويهلك غمًا وسط ما هو ناسجه
قال بعض العباد: إجعل الآخرة رأس مالك، فما أتاك من الدنيا فهو ربح. من كلام بعضهم: يا ابن آدم إنما أنت عدد فإذا ذهب يوم ذهب بعضك.
1 / 8