وإن تساوت تلك الاقوال عنده، ولم يترجح بعض تلك الأمارات في نظره، ولم يظهر له في المسألة قول يخالف أقوالهم، ولا قوي على استنباط دليل يغاير أدلتهم، وجب عليه التوقف في الحكم، والمراجعة في النظر والفكرة حتى يظهر له المرجح، فإن لم يظهر له الترجيح لم يزل الوقف وذلك هو تكليفه.
وإن كانت من بعض الفروع التي فرعها بعض المجتهدين على تلك الاصول المضبوطة، وجب على المجتهد البحث عن كيفية استنباط ذلك الفرع، وعن دليل ذلك المجتهد على كونه راجعا إلى ذلك الأصل.
فإن عرفه نظر فيه، فإن وافق نظره واجتهاده رجع في حكم تلك الحادثة إليه وأخذه منه، وإن لم يوافق نظره بل ظهر له فيه خلل، إما في كيفية الاستنباط، أو في رد الفرع إلى ذلك الأصل، أو في دليله، وعرف هو استنباط حكمه، إما بطريق آخر، أو من أصل غيره، أو بأمارة أقوى، رجع إلى ما عرفه وما أداه نظره إليه وحكم به.
وإن لم يعرفه أصلا، أو لم يظهر له فيه قوة ولا ضعف، توقف في الحكم حتى يظهره له ما يكون دليلا فيعمل عليه.
وان كانت تلك الحادثة مما اختصت بوقوعها في زمانه، ولم تكن من اصول مسائل الفقه، ولا من بعض فروع أهل الاجتهاد نظر فيها، فإن وجدها مماثلة لبعض تلك المسائل المتأصلة في الفقه، أو لبعض فروع المجتهدين المذكورة في تصانيفهم، أو كانت جزئية داخلة تحت أحكامهم الكلية، رجع في حكمها إلى ما قرروه وعلى ما ذكرناه.
وإن لم يجدها مماثلة لشيء من تلك المسائل، ولا داخلة تحت شيء من كليات تلك الأحكام، ولا تحت شيء من فروع أهل الاجتهاد، وجب عليه فيها النظر والبحث، وكانت محل اجتهاده الخاص، فيبحث عنها ويجري فيها ما أجراه من تقدمه في كيفية استنباط الحوادث المتجددة من
পৃষ্ঠা ১৩৫