اشتهر بعض الاقوال دون بعض، رجع إلى أدلة العقل، فيرجع إلى القياس المنصوص على علته، ان كان ممن قام الدليل إلى وجوب العمل به، فإن وجد حكم الحادثة فيه على الشرائط المعتبرة جزم به، وإلا رجع إلى البراءة الأصلية، أو الاستصحاب، أو اتحاد الطريق، أو التخريج، وأمثال ذلك مما ذكرناه.
هذا ترتيب الأدلة، فلا ينتقل إلى المتأخر إلا مع تعذر المتقدم، هذا مع فرض عدم تعارضها، أما لو تعارضت رجع إلى أحكام التراجيح المذكورة في الاصول، ومراعاتها، وضبطها، وعليه بالتحفظ هنا، وكثرة المطالعة، والتحرز عن الغلط في كيفية الترجيحات وأسبابها، فإن أغاليط أكثر المجتهدين انما تجيء من هذا الباب، وهو باب عظيم من أعظم أبواب الاصول، يحتاج المستدل إلى ضبطه غاية الضبط، ومراعاة أحواله حالة الاستدلال غاية المراعاة ليأمن الغلط،، وأسباب التراجيح كثيرة مضبوطة في علم الاصول، لا تطول بذكرها هذه الجزازة (1).
يقع هاهنا بحث لا بد من ذكره فيها، وهو أن الأخبار الواردة عن الأئمة (عليهم السلام):
إما متواترة، ولا كلام فيها لإفادتها العلم، لأن المتواتر منها يراد به ما أفاد العلم، ويحصل الجزم بما ورد فيها من الأحكام، واستعمالها في الأدلة، من غير احتياج إلى معرفة ناقلها ورجالها، ويتفاوت المستدلون في وصول التواتر إليهم وعدمه، فعلى كل أحد العمل بما وصل إليه.
وأما غير متواترة، لكن اشتهرت بين الطائفة، واستفاضت بين علمائها، وهو المسمى عندهم بالمشهور والمستفيض، ونعني به ما أفاد
(1) ما سقط من الاديم إذا قطع.
ويعبر بها عن الشيء القليل.
مجمع البحرين: مادة جزز. ج 4 ص 10 بتحقيق أحمد الحسيني.
পৃষ্ঠা ১১৬