أما لو وجد المخالف وإن كان واحدا لكنه غير معلوم ولا معروف بشخصه ولا نسبه، قدح ذلك في الإجماع عندنا، ولا يكون حينئذ متحققا لجواز كونه هو المعصوم، فلهذا اعتبرنا دخول أهل الحل والعقد بأجمعهم، لدخول المعصوم في جملتهم، لتأمن الخطأ في الإجماع، ولو أنا تحققنا أن حكم هذه الحادثة مثلا ثبت عن المعصوم أنه قال فيها كذا، بطريق تواتري أو مشهور، لم يكن لنا حاجة إلى التفتيش عن باقي أقوال العلماء في تلك الحادثة، وأنهم وافقوا المعصوم فيها أو خالفوه، لكون قول المعصوم فيها حينئذ هو الحجة القاطعة، والنص الذي لا يحتاج معه إلى غيره، فافهم ذلك موفقا فإنه سر الإجماع (1).
أما أدلة العقل:
فقد وقع الخلاف فيها بين الاصوليين، في المعتبر منها في الدلالة على الأحكام، وأكثرهم على انها ثلاثة، البراءة الأصلية، والاستصحاب، والقياس، وأصحابنا قائلون بالأولين، وأما الثالث فيختلفون فيه، وأكثر المتقدمين منهم على المنع من دلالته على الأحكام مطلقا، وكثير من المتأخرين أجاز العمل بمنصوص العلة منه، واستدل به على الأحكام.
أما البراءة الأصلية: فلا كلام في دلالتها، وليست هي في الحقيقة دليلا شرعيا، لأنها لا تثبت حكما، وإنما هي نافية له، إذ الأصل براءة ذمة المكلف من جميع الأحكام حتى يرد المزيل الشرعي عن ذلك الأصل، فيتحقق الحكم ويحصل شغل الذمة حينئذ.
لكن قد يتعلق بها المستدل، من حيث أنه إذا وردت عليه الحادثة، تمسك فيها بأصل براءة الذمة من حكم فيها، لكن بعد التفتيش عن
(1) في «م» سرة.
পৃষ্ঠা ১০৯