المقدمة
أما المقدمة: فالطالب لأمر لا بد وأن يكون متصورا له، إما ببعض الاعتبارات أو على سبيل الإجمال، لتتوجه بالطلب إليه نفسه، لاستحالة توجه النفس إلى نحو ما لا شعور لها به البتة في بديهة العقول.
ولا بد أن يكون عارفا بالغرض المقصود منه، لتتوفر دواعيه على تحصيله، ويجد بعزائمه في طلبه، وتخلص إرادته من عاتقه التردد بحصول الجزم الخالي عنه، فتتم الحركة ويحصل السير والسلوك بتحرك العضلات، فيوجد مطلوبه ويصل إليه.
ولا بد من معرفته أيضا بوجه حاجته إليه، فإنه أتم لخلوص داعيته في السير والسلوك إلى تحصيل ذلك المطلوب، إذ متى عرف أنه محتاج في تكميل نفسه إلى تحصيله، جد في طلبه غاية الجد حرصا على طلب الكمال المطلوب لكل عاقل، ولاشتياق النفس إلى الخلوص عن لوازم الحاجة، لأنه نفس النقص اللازم لها، فهي على الدوام حريصة على تحصيل الغنى المستلزم للكمال.
فمتى عرفت وتحققت حاجتها إلى مطلوب ما، توجهت بجميع العزائم والإرادات إلى تحصيله، وكان علمها بوجه الحاجة مستلزما لتمام الطلب وتحصيل المطلوب، فهو من مبادئ السير والسلوك.
ولما كان المقصود من وضع هذه الرسالة، هو معرفة كيفية الاستدلال على الأحكام الشرعية والمطالب الفقهية، بالأدلة الاصولية والأمارات المرضية، كان الطالب لذلك محتاجا إلى معرفة هذه الامور الثلاثة (1)،
(1) المتقدم ذكرها من كونه متصورا له، وعارفا بالغرض، ومعرفته بوجه حاجته إليه.
পৃষ্ঠা ৫২