227

وذلك لأن العقل مستمد من توفيق الله تعالى وتسديده ولذلك قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى} [محمد:17]، ويستمد من محكم الكتاب والسنة وعلوم أئمة الهدى،والنفس تستمد من وسواس الشيطان ومن الشبه والمتشابه ولذلك قال تعالى: {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا } [الأنعام:112].

وسادسها: اختلاف أحوال أتباعهما.

لأن المتبع لعقله يقف عند حد قدره لئلا يجهل فضلا من فضل الله عليه، ويقف عند حد عقله لئلا يغلو في دينه غير الحق، والمتبع لهوى نفسه يخوض فيما وراء حد عقله ويتكبر على من هو أفضل منه ويحسده ولذلك قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} [البقرة:87]، وقال تعالى: { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [القصص:50].

قال واعلم أن هذه الفروق وما أشبهها هي التي يعلم بها ضلال كل معطل ورافض، وكذب كل مدع أن عقله دله على صحة مخالفته للحق وأهله، وبه يعلم الفرق بين ما يعلم ولا يتوهم نحو الباري سبحانه وتعالى وبين ما يتوهم ولا يعلم نحو ما تقدم ذكره من بدع الفلاسفة وغيرهم، ويعلم به الفرق بين العالم والمتوهم انتهى كلامه عليه السلام مع بعض تصرف واختصار.

পৃষ্ঠা ২৫৪