ضيق النفس كما تشتهيه لأعدائك وكما يشتهي أعداؤك لك فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك وغمك نقدا ولا تزول النعمة عن المحسود بحسدك ولو لم يكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضى الفطنة إن كنت عاقلا أن تحذر من الحسد لما فيه من ألم القلب ومساءته وعدم النفع فكيف وأنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة فما أعجب من العاقل أن يتعرض لسخط الله من غير نفع يناله بل مع ضرر يحتمله وألم يقاسيه فيهلك دينه ودنياه من غير جدوى ولا فائدة وأما إنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك بل ما قدره الله تعالى من إقبال ونعمة فلا بد وأن يدوم إلى أجل قدرة الله تعالى فلا حيلة في رفعه وإن كانت النعمة قد حصلت بسعيه من علم أو عمل فلا حيلة في دفعه أيضا بل ينبغي أن تلوم أنت نفسك حيث يسعى وقعدت وشمر وكسلت وسهر ونمت وكان حالك كما قيل
هلا سعوا سعي الكرام
فأدركوا أو سلموا لمواقع الأقدار
পৃষ্ঠা ৬৬