بأمره تعالى الذي روحانياتهم منه من الأمور الخارقة للعادة وكأنهم لم يعلموا بعد أن الإيمان حق وأنه منج عند الله تعالى فقلوبهم مملؤة من ظنون وشكوك وأوهام وتحيرات وزيغ. وقد عموا وصموا وختم الله تعالى على قلوبهم حتى لم يقدروا على الفرق بين الحق والباطل. ومن يضلل الله فما له من هاد ولو أنهم صدقوا في خوفهم ذلك على عامة المسلمين لقرروا لهم أحكام العقائد والتوحيد وعلموهم البراهين والحجج القطعية من غير منازعة ولا جدال وحملوهم على الفهم في العقائد والنظر في الفضائل. وشدوا عليهم في ذلك غاية التشديد، فإن العامة متى تحققوا في نفوسهم أن الفاعل واحد على كل حال. ولا تأثير لشئ البتة تحولت خواطرهم عن اعتقاد التأثير في غيره تعالى وعلموا أن كل ما سواه تعالى بيده تعالى، فتن وتحيرات تسمى أسبابا يضل الله بها من يشاء ويهدي من يشاء. قال تعالى: (والله من وراثهم محيط) يعني من وراء جميع الأشياء المحسوسات والأشياء المعقولات على معنى أنه لا يشبهها ولا تشبهه البتة. وعلى فرض أن يكون غرضهم ذلك المذكور فكيف يجوز انتهاك حرمات الله تعالى في حق أوليائه وأهل خاصته بهدم قبابهم وتحقير قبورهم في عيون العامة وهتك ستورهم الموضوعة احتراما لهم من أجل هذا الأمر الموهوم وهو خوف الضلال على العامة.
وكيف يجوز الظن السوء في حق العامة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلون ذلك لا الظن السوء بالمسلمين حرام محقق كما قدمناه.
وأما اعتقاد شيخ بعينه والانتماء إليه والسلوك على طريقته الخاصة فهو أمر مطلوب. فإن العمل بالجوارح كما يحتاج المقلد فيه إلى سلوك مذهب مخصوص إن لم يكن مجتهدا كالحنفي يقلد أبا حنيفة والشافعي يقلد الشافعي ونحو ذلك، كذاك سلوك الطريق إلى الله تعالى يحتاج إلى تقليد شيخ مخصوص في البداية لتتصل البركة والإمداد بواسطة محبة ذلك الشيخ واعتقاده من الله تعالى إلى ذلك الإنسان، كما أن الشيخ إذا كان حيا تتصل بركته بخادمه ومعتقده والمستمد منه. فكذلك الشيخ إذا كان ميتا مدفوفا في قبره فإن المؤثر في الحقيقة هو الله تعالى ولا فرق في الاستمداد بين الشيخ الحي والميت بعد معرفة أنهما لا يؤثران في شئ من
পৃষ্ঠা ১৮