النار الكائنة في الحجر والشجر كان قد عرف وجود النيران على العيان والوجدان واستغنى عن ترتيب الآلات وتحصيل البرهان.
الفصل الثاني والثلاثون: أقول وكل من عدل في التعريف عن الامر المكشوف إلى الامر الخفي اللطيف فهو حقيق أن يقال قد أضل ولا يقال قد هدى ولا قد أحسن فيما استدل، وتبيان هذه الجملة أن المكان الذي يكون فيه الجسم قبل الجسم وكل ما كان له أول وهو محدث والأجسام بعد المكان وهي محدثة بغير شك ولان كل عاقل يعلم فيما عاينه من زيادات الأجسام في الانسان والشجر وكلما يزداد عظما وكبرا في الأنام مثل النطفة التي يصير منها إنسان ومثل النواة التي يكون منها نخلة عظيمة الشأن ومثل نوى الشجر يكون منها شجرة كبيرة عظيمة الأغصان فكل عارف بها بالمشاهدة يعلم أن هذه الزيادات حادثة بالضرورة فكيف يعدل عن تعريف حدوثها بمثل هذا التحقيق إلى الحركة والسكون وهما عرضان غير مشاهدين ولا يعرف حقايقها ولا يلزم من حدوثهما إلا بنظر دقيق وقطع عقبات قليلة التوفيق.
الفصل الثالث والثلاثون: أقول وإنما كان يحتاج الانسان مع ما يعرفه من حدوث الأجسام الظاهرة بالعيان الزائدة إلى ثبوت تماثل الأجسام ليعلم أن الذي حضر منها وغاب كله حادثة بشهادة العقول والافهام وذلك يعرف بأدنى تعريف ولا يحتاج إلى التطويل في التكشيف لان العقل يدرك أن كل جسم مؤلف وكل مؤلف فإنه لابد أن يكون عريضا عميقا بحسب تأليفه ومتى خرجت حقيقة الأجسام عن حقيقة التأليف كانت غير أجسام ولم يدخل في
পৃষ্ঠা ২১