ولهذا كان الفضيل بن عياض يقول: أهل السنة من عرف ما يدخل في بطنه من حلال.
وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصائل السنة التي كان عليها النبي ﷺ وأصحابه ﵃.
ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم السنة عبارة عما سَلِمَ من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة، وصنفوا في هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم والمخالف فيه على شفا هلكة.
[السنة الكاملة هي الطريق السالمة من الشبهات والشهوات]
وأما السنة الكاملة فهي الطريق السالمة من الشبهات والشهوات كما قال الحسن ويونس بن عبيد وسفيان والفضيل وغيرهم، ولهذا وُصِفَ أهلُها بالغربة في آخر الزمان لقلتهم وغربتهم فيه، ولهذا ورد في بعض الروايات كما سبق في تفسير الغرباء: «قوم صالحون قليل في قوم سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» وفي هذا إشارة إلى قلة عددهم وقلة المستجيبين لهم والقابلين منهم وكثرة المخالفين لهم والعاصين لهم.
ولهذا جاء في أحاديث متعددة مدح المتمسك بدينه في آخر الزمان وأنه كالقابض على الجمر، وأن للعامل منهم أجر خمسين ممن قبلهم، لأنهم لا يجدون أعوانا في الخير.
وهؤلاء الغرباء قسمان: أحدهما من يُصلح نفسه عند فساد الناس، والثاني من يُصلح ما أفسد الناس وهو أعلى القسمين وهو أفضلهما.
وقد خرج الطبراني وغيره بإسناد فيه نظر من حديث أبي أمامة عن النبي ﷺ: «إن لكل شيء إقبالا وإدبارا، وإن من إقبال هذا الدين ما كنتم عليه من العمى والجهالة وما بعثني الله به، وإن من
1 / 320