ثم الكسب نوعان كسب من المرء لنفسه وكسب منه على نفسه فالكاسب لنفسه هو الطالب لما لابد له من المباح والكاسب على نفسه هو الباغي لما عليه فيه جناح نحو ما يكون من السارق والنوع الثاني حرام بالإتفاق قال الله تعالى {ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه} وقال عز وجل {ومن يكسب خطيئة أو إثما} الآية والمذهب عند الفقهاء من السلف والخلف رحمهم الله أن النوع الأول من الكسب مباح على الاطلاق بل هو فرض عند الحاجة
وقال قوم من جهال أهل التقشف وحماقى أهل التصوف إن الكسب حرام لا يحل إلا عند الضرورة بمنزلة تناول الميتة وقالوا إن الكسب ينفي التوكل على الله أو ينقص منه وقد أمرنا بالتوكل قال الله تعالى {فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} فما يتضمن نفي ما أمرنا به من التوكل يكون حراما والدليل على أنه ينفي التوكل قوله صلى الله عليه وسلم لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا وقال تعالى {وفي السماء رزقكم وما توعدون} وفي هذا حث على ترك الاشتغال بالكسب وبيان أن ما قدر له من الموعود يأتيه لا محالة وقال عز وجل
পৃষ্ঠা ৩৭