الآية إنما حملهم على ذلك طغيان الغنى يعني الذين ادعوا ما لا ينبغي لهم ولا لأحد من البشر فأنه لم ينقل أن أحدا من الفقراء وقع في ذلك فدل أن الفقر أسلم ثم صفة الغنى مما تميل إليه النفس ويدعو إليه الطبع ويتوصل به إلى إقتضاء الشهوات ولا يتوصل بالفقر إلى شيء من ذلك وأعلى الدرجات ما يكون أبعد من اقتضاء الشهوات قال الله تعالى {واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} وقال عز وجل {زين للناس حب الشهوات} الآية والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات وقال صلى الله عليه وسلم الفقر أزين على المؤمن من العذار الجيد على خد العروس وقال صلى الله عليه وسلم إن فقراء أمتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام وفي الآثار أن آخر الأنبياء عليهم السلام دخولا الجنة سليمان عليه السلام لملكه وقال صلى الله عليه وسلم يوما لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ما بطأ بك عني يا عبد الرحمن قال وما ذاك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم إنك آخر أصحابي لحوقا بي يوم القيامة فأقول ما حبسك عني فيقول المال كنت محاسبا محبوسا حتى الآن وكان هو من العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وقد قاسم الله تعالى ماله أربع مرات فتصدق بالنصف وأمسك النصف في المرة الأولى كان ماله ثمانية
পৃষ্ঠা ৫২