لما فيه من تكثير عباد الله وأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقيق مباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وذلك لايوجد هنا
وكان التفرغ للعبادة أفضل من الاشتغال بالكسب بعدما حصل ما لا بد له منه وهذه المسألة تنبني على مسألة أخرى اختلف فيها العلماء رحمهم الله وهو أن صفة الفقر أعلى أم صفة الغنى فالمذهب عندنا أن صفة الفقر أعلى وقال بعض الفقهاء إن صفة الغنى أعلى وقد أشار محمد رحمه الله في كتاب الكسب في موضعين إلى ما بيناه من مذهبنا فقال في أحد الموضعين ولو أن الناس قنعوا بما يكفيهم وعمدوا إلى الفضول فوجهوها إلى أمر آخرتهم كان خيرا لهم وقال في الموضع الاخر وما زاد على ما لا بد منه يحاسب المرء عليه ولا يحاسب أحد على الفقر فلا شك أن ما لا يحاسب المرء عليه يكون أفضل مما يحاسب المرء عليه
وأما من فضل الغنى احتج فقال الغنى نعمة والفقر بؤس ونقمة ومحنة ولا يخفى على عاقل أن النعمة أفضل من النقمة والمحنة والدليل عليه أن الله تعالى سمى المال فضلا فقال عز وجل {وابتغوا من فضل الله} وقال تعالى {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} وما هو فضل الله فهو أعلى الدرجات وسمى المال خيرا فقال عز وجل {إن ترك خيرا الوصية للوالدين} وهذا اللفظ يدل على أنه خير من ضده وقال الله تعالى {ولقد آتينا داود منا فضلا} يعنى الملك والمال حتى روي أنه كان له مائة سرية فمن الله بذلك عليه وسماه فضلا منه وسليمان صلوات
পৃষ্ঠা ৫০