أعيد إلى زنزانته فلم يلق تعذيبا إضافيا كما توقع بادئ الأمر، ولكنه أيقن من الضياع.
ومضى عليه زمن لا يدريه حتى مضى به حارس يوما إلى باب مغلق وقال: لعلك اشتقت إلى رؤية صديقك حلمي حمادة!
وأزاح غطاء عن عين سحرية وأمره أن ينظر. - نظرت فرأيت مشهدا غريبا تعذر علي احتواؤه لأول وهلة، كمن يرى صورة سريالية، ثم تبين لي أن حلمي حمادة معلق من قدميه، وهو صامت ساكن، مغمى عليه أو ميت فتراجعت فزعا أترنح وغمغمت: هذا غير ...
وانحبس صوتي لدى التقائي بنظرته المصبوبة علي، وتساءل: غير ماذا؟
شعرت بغثيان فعاد يسأل: هذا غير ... غير ماذا؟
دفعني أمامه بعنف وهو يقول: غير إنساني أليس كذلك؟! والأحلام الدموية التي تحلمون بها أهي إنسانية؟
ومضى زمن أصيب في أثنائه بإنفلونزا حادة عقب نزلة برد في ذلك الشتاء. واستدعي للقاء خالد صفوان، وهو في دور النقاهة، وكانت أقصى أمنياته في ذلك الوقت أن ينقل إلى أي سجن أو معتقل خارجي، ولكن الرجل بادره قائلا ببرود: إنك سعيد الحظ يا إسماعيل.
فرفعت إليه عيني بذهول فقال: ثبتت براءتك أيضا هذه المرة!
خارت قواي وشعرت برغبة عميقة في النوم. - وكانت زيارتك لحلمي حمادة بريئة، أليس كذلك؟
فقلت بصوت لا يكاد يسمع: بلى يا سيدي. - إنه شيوعي متحمس، أليس كذلك؟
অজানা পৃষ্ঠা