وإني لأذكر كل فرد من أفراد العرب في أي قطر من الأقطار، أو بلد من البلدان، كبير الشأن كان أم صغيره، ملك شعب أم رئيس جمهورية، شيخ مقاطعة أم أمير قبيلة، أنه من الممكن أن تحدث مشادات عظيمة ومنازعات خطيرة بين فرد عربي مسئول وآخر، أو بين دولة عربية وأخرى، وقد ينقسم العرب إزاء هذا الموضوع إلى فرق كبيرة وشيع مختلفة المآرب والغايات، بعضها يناصر هذا الفريق، والبعض الآخر يناصر ذاك، وقد تحتدم هذه المشادة ويشتد أوارها، وقد تنتهي سريعا وقد لا تنتهي إلا بعد زمن طويل تهرق فيها الدماء وتبذر الأموال وتشرد الأطفال، غير أن هذا النزاع مهما تمادى به الزمن، فإن المتنازعين لا بد أن يلتقيا ويتعانقا. ومن أكثر الأمور بداهة وأشدها وضوحا لدى كل عربي أنه يجب أن لا يغتفر لعربي مهما كبر مركزه وعظم، ضؤل شأنه أو حقرت مرتبته، إذا ما صانع اليهود ومالأهم مهما كان ظل هذه الممالأة خفيفا وأثرها زائلا، ويمكننا أن نقول على وجه التأكيد إنه ما من شيء يجب أن يتفق العرب عليه، وتجتمع كلمتهم حوله أكثر من اتفاقهم على معاداة الصهيونية ومقاومتها، وزرع الحقد في نفوس العرب، والنشء منهم خاصة، ويجب أن لا نتهاون في القضاء على كل فرد يحاول الاتصال بالصهيونيين ويعاملهم بالأخذ والعطاء مهما عظم شأنه وارتفعت مكانته.
والدولة التي تعارض بهذا العمل، فالرجال الذين يسوقونها إليه إما أن يكونوا مأجورين أو بلهاء، فإن كانوا مأجورين لدولة أجنبية أو للصهيونيين، فهؤلاء يجب أن يقاومهم العرب ويزال وجودهم من الدنيا، وإن كانوا أغبياء لا يعرفون ما لهم وما عليهم، وقد تسنموا الحكم صدفة، فهؤلاء يجب دفعهم عن مواقع الاقتدار واستبدالهم برجال عقلاء وطنيين يخافون الله في أوطانهم ويسعون للذود عنها بمالهم ودمائهم.
وإنه من العار على الدول العربية أن يضمها سقف مع إسرائيل إن كانت الدولة منفردة أو مجتمعة مع بقية الدول العربية مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، كما أني أحسب أنه من الواجب الوطني أن تقاطع الدول العربية دعوة أي دولة كانت لأي اجتماع كان إذا كانت حكومة إسرائيل مدعوة إليه.
وأي عار أعظم من اشتراك الشباب العربي في مباريات الألعاب الرياضية الدولية مع شباب إسرائيل.
أما أدنياء النفوس من العصابات السافلة التي تهرب البضائع والسلاح وشباب اليهود إلى فلسطين، فعليهم لعنة الله والناس، ومن الواجب المفروض على كل عربي وعربية عرف بهم أن يقاطعهم، ويخبر الحكومات العربية عنهم ويشهرهم ويدعو إلى مقاطعتهم علنا.
وعلى الشباب وحده يقوم أمر تأديب أمثال هؤلاء الخائنين. (15) الدعاية
إننا بحاجة شديدة للدعاية، وحاجتنا إليها في هذه الأيام لا تقل عن حاجتنا إلى الخبز، وقد كان المكتب العربي القومي الذي أسسته عام 1934 تحت اسم «مكتب فخري البارودي»، وبدل بعد تشكيل الحكومة الوطنية عام 1937 باسم «المكتب العربي القومي» نشر في نظامه الأساسي بحثا أنقل منه هنا بعض ما جاء عن الدعاية:
وإذا راجعنا تاريخ نهضات الأمم التي استطاعت أن تبني لنفسها الكيان القومي الذي أرادته بعد الحرب الكبرى (أي حرب 1914)، نرى أن من الوسائل الفعالة التي استخدمتها تلك الأمم الفتية في جهادها هي الدعاية. ولا نعني بالدعاية الدعاية الخارجية فقط، بل الدعاية التي تشمل الناحيتين الداخلية والخارجية. فكما استطاع رجال النهضات في تلك الأمم بتأثير الدعاية القوية بمختلف عواصم العالم أن يجعلوا قضايا أممهم دولية عالمية، هكذا يجب على العرب أن يسعوا لجعل قضيتهم القومية أيضا قضية دولية عالمية ذات وزن وتأثير فعال في السياسة الدولية العامة، وذلك لا يتيسر إلا بالدعاية المنظمة النشيطة المستمرة.
يقول المسيو أوجين يونغ في كتابه «الثورة العربية»
La révolte Arabe :
অজানা পৃষ্ঠা