কাম উমর ঘাদাব
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
জনগুলি
في هذه الشهادة المباشرة، يظهر بوضوح أن السادات كان، بالنسبة إلى أمريكا، قد استنفد أغراضه، وأدى ما هو مطلوب منه ثم ترك لمصيره المحتوم، ولم يعد مجديا بعد ذلك أن يحاول استرضاءهم بتصريحات حامية ضد الشيوعية؛ إذ إنهم كانوا قد أداروا له ظهورهم، وعندما زارهم قبل مصرعه بشهرين، كان واضحا أنه لم يعد في نظرهم الزعيم المفضل الذي كان، ومنذ كامب ديفيد، بل منذ زيارة القدس، أدرك أصدقاء أمريكا، الأكثر منه ذكاء والأبعد منه نظرا، أن السفينة غارقة لا محالة، وهكذا قفز منها إسماعيل فهمي، ثم منصور حسن، ثم هيكل، الذي كان على أية حال واعيا بأبعاد الأزمة قبل الجميع، ولو لم يكن القتل الفعلي قد تم بتدبير من أمريكا، لأمكن القول - على أقل تقدير - إن أمريكا هي التي قيدت يدي السادات بالسلاسل، وأمسكت برأسه وشدتها إلى الوراء، ولم يبق إلا السكين التي تذبح.
ومن هنا فإني أرى أن مرور هيكل السريع على مسألة دور أمريكا في مقتل السادات واستبعاده أي فرض يحملها مسئولية ما حدث لصديقها العتيد، هو أمر لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين: إما أن هيكل يشعر بالخطورة الشديدة لخوض هذا الموضوع، الذي لا بد أن «أرشيفه» يمتلئ بالوثائق والمعلومات عنه، وإما أنه يريد أن يبعد عن ذهن القارئ أي احتمال لتورط أمريكا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في هذه العملية. •••
إن المنحى العام لكتابات هيكل، في مراحلها المختلفة، يقنع كل من يتابعها بدقة بأنه كان يرتبط بأمريكا في علاقة حميمة جدا، أما الانتقادات التي يوجهها إليها فإنها الاستثناء الذي يؤكد القاعدة؛ لأن أصدقاء أمريكا، إذا كانوا أذكياء، لا بد أن يهاجموها من آن لآخر، بل إنها هي ذاتها التي تطالبهم بذلك.
وأنا أعرف أن هذا الموضوع يثير حساسية خاصة لدى هيكل؛ ولذلك فإنني سأتبع في إثباتي لما أقول، أكثر الطرق أمانا، وأعني به الاستعانة بما يقول هيكل نفسه.
في أحد المواضع في كتاب «مدافع آية الله» يتحدث هيكل عن وساطة، طلبتها منه أمريكا من أجل حل مشكلة الرهائن الذين كانوا محتجزين في السفارة الأمريكية بطهران، مرة قبل محاولة أمريكا الفاشلة لإنقاذ الرهائن بالقوة الأولى في صحراء تاباز، ومرة أخرى بعد قيام هذه المحاولة وفشلها الذريع. في المرة الأولى سأله هارولد سوندرز، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، عما إذا كان على استعداد لمساعدة الرئيس كارتر، فأجاب هيكل بأنه على استعداد لمساعدة الإيرانيين، ومن الواضح أن السؤال أهم ألف مرة من الجواب، فما الذي يدفع موظفا رسميا أمريكيا إلى أن يسأل صحفيا مرموقا في دولة يوجد بينها وبين أمريكا تضارب شديد في المصالح، عما إذا كان على استعداد لمساعدة رئيس دولته؟ وعلى أي أساس بنى توقعه بإمكان قيام هيكل بهذه الخدمة للرئيس الأمريكي؟
ولكن الأهم من ذلك هو الوساطة التي طلب إلى هيكل القيام بها، عن طريق رسالة بعثها إليه الأمريكيون، ونص الرسالة، كما كتبها هيكل بنفسه،
2
هو: «واتضح أنها عبارة عن اقتراح، القصد منه أن أقوم أنا باستخدامه في محاولة جديدة لمفاتحة السلطات في طهران، وكانوا يأملون أن أوافق على هذه الخطوة، وكانت الوثيقة غريبة بالفعل، ولعل أفضل طريقة لإظهار مدى ابتعاد التفكير الأميركي عن الواقع هو أن أورد الوثيقة كما هي:
الفكرة هي أن يذهب هيكل إلى إيران، ويقدم إلى بني صدر طريقة تمكن الإيرانيين من استخدام كارثة عملية الإنقاذ؛ لإطلاق سراح الرهائن، وأن يضعوا نهاية لهذه القضية، كما يقوم هيكل بإقناعه أن مثل هذا العمل، فرصة نادرة ليركب موجة قومية إسلامية لتدعيم مركزه، ويمكن تقديم نفس الفكرة إلى الخميني باعتباره مشاركا في نفس الرغبة للتخلص من المشكلة.
ويمكن لهيكل أن يستفيد من النقاط التالية: (أ)
অজানা পৃষ্ঠা