هذه مقدمة جامع الكتاب، ولقد كان في نيتي أن أقف عند هذا الحد، ولكني رأيت أن أضيف إليها سيرة نابليون التاريخية معتمدا في ذلك على ما ورد في كتاب (حوادث التاريخ العظمى) الذي وضعه لطلبة المدارس الثانوية في إنجلترا ذلك المؤرخ المشهور والكاتب الفصيح الدكتور «كولير»؛ حتى يطلع القارئ على ظاهر الرجل وباطنه. ولما كان لأكثر ما جاء في هذه الكلمات علاقة تامة بهذا التاريخ، بل لا يمكن الذي لا يعرف من سيرة نابليون إلا النذر أن يتفهم حقيقة معنى هذه الكلمات، فقد وجب أن نأتي بهذا التاريخ مقدمة لهذه الكلمات، فعسى أن يكون في تمثيله للناس على هذا المنحى الفائدة التي أرجوها.
وردت هذه الكلمات في النسخة الإنكليزية معزوة إلى المورد الذي أخذت منه، ومذكورا تحت كل منها رقم الصفحة التي جاءت فيه من كل كتاب، وهذه ضربت عنها صفحا، ولكني رأيت أن آتي بأسماء مؤلفي هذه الكتب وعنواناتها في آخر هذا الكتاب حتى لا تفوتنا الفائدة التي أرادها الجامع.
إبراهيم رمزي
مصر في 10 أبريل سنة 1912
تاريخ نابليون
(1) حياته المدرسية
ولد نابليون بونابارت في أجاكسيو، إحدى مدن جزيرة كورسيكا، في الخامس عشر من شهر أغسطس سنة 1769، وكان أبوه شارل بونابارت من رجال المحاماة الطليانيين، خدم في الجندية أيام كان أهل هذه الجزيرة يدفعون عنها غارة الفرنسيين على أن هؤلاء قد تغلبوا عليهم في سنة 1768. وكانت أمه تدعى لييزيا رامولينا، وكان نابليون ثاني إخوته.
لم يكد نابليون يبلغ العاشرة من عمره حتى دخل مدرسة برين الحربية، وقضى بها خمس سنوات ونصف، كان في غضونها يقدم اسمه في تقرير المدرسة إلى الملك، ومما ذكر في هذا التقرير عن نابليون أنه كان ممتازا في دروسه الرياضية واسع الاطلاع على التاريخ والجغرافية، أما اللغة اللاتينية فكان فيها متأخرا عن أقرانه تأخرا كبيرا كما كان في أدب اللغة وغيرها، أما هو فكان محبا للدرس، حسن السيرة والمسلك، تام الصحة.
في سنة 1784 غادر نابليون مدرسة برين ودخل مدرسة باريس الحربية، قضى بها ما يقرب من سنة، ثم نال رتبة ملازم ثان في المدفعية الفرنسية. (2) حياته العمومية
مال نابليون إلى الجانب السائد في الثورة الفرنسية، وهو الذي أطلق مدافعه في شوارع باريس على العساكر الوطنية فمزقهم كل ممزق، وبذلك انتهى عهد الثورة الفرنسية وجاء عهد آخر في التاريخ الفرنسي، كان هو روح ذلك العهد، أبد عشرين سنة؛ لأنه لم يمض قليل على فعلته هذه حتى عين نابليون، بفضل المسيو براس أحد الديركتوارت (أو المديرين) الخمس الذين حكموا فرنسا في ذلك العهد بالتضامن، قائدا عاما لجيش فرنسا الداخلي وهو لم يبلغ من العمر إلا خمسة وعشرين ربيعا. تزوج بعد ذلك بجوزفين بوهارنز أرملة أحد أشراف فرنسا الذين ذهبوا ضحية مقصلة الثورة الفرنسية، وكانت أكبر منه سنا، ولكن نشأ بينهما حب ذهب بتلك الفروق، وتزوجها في سنة 1796، وقبل زواجه بقليل عينه ناظر الحربية قائدا عاما لجيش إيطاليا فذهب في تلك الحملة. (3) الحملة الإيطالية سنة 1796
অজানা পৃষ্ঠা