فنقول :لما فرغ من القياس وأركانه شرع في بيان ما يرد عليه من طرق المجادلات الحسنة ولما كان الغرض منها إظهار الصواب كانت محمودة لقوله تعالى ?أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة?[ النحل 125] الآية وقد سلكها النبي والصحابة والتابعون وفيها سعي في إحياء الملة وتعاون على البر والتقوى وجهاد أنبل من جهاد الغزاة لحل المشكلات الدينية ورد الملحدين المبتدعة ومن آداب الجدال ما ينبغي تقديمه على المناظرة وهو تقوى الله تعالى ، وإشعار النفس بخوفه وتوطينها على قبول الحق من أي جهة ورد ، ومنها ما يختص حال المناظرة وهو أن يكون المناظر مستجمع القلب متوقرا في جميع أحواله ولا يشتغل بشيء سوى ما هو بصدده غير منزعج ولا يعتريه طيش ولا فشل ومنها أن يكون حريصا على إيجاز كلامه فإن أكثر ما يقع الزلل فيه الإكثار ولا يفرط في رفع صوته فيسوء خلقه ولا يجدي نفعا وعلامة انقطاع السائل عجزه عن إبانة سؤاله أو عن تقرير وجه دليله ونحو ذلك مما يجب عليه الإتيان به وعلامة عجز المسؤول أن يعجز عن الإجابة أو عن رد المعارضة أو الجواب عن النقض إما بأن يسكت عما هو بصدده لغير عذر أو يقطع الكلام بما لا تعلق له بالمسألة أو يظهر غضبه
ولما كان من تمام الاستدلال بالقياس وغيره بتفهيم ما يقوله وبست مقدمات مذكورة أو مقدرة وهي : بيان أن المدعى محل للقياس ،وأن حكم الأصل كذا ،وأن علته كذا ، وأنها ثابتة في الفرع ، وأنها تستلزم ثبوت حكم الفرع ، وأنه الحكم المطلوب دونوا لذلك سبعة أنواع من الاعتراضات تشمل على ثلاثة وعشرين صنفا بعضها عام الورود على كل مقدمة كالاستفسار والتقسيم وبعضها على كل قياس كمنع وجود العلة أو عليتها والمعارضة في الفرع وبعضها خاص ببعض كما سيجيء إن شاء الله تعالى (النوع الأول)
পৃষ্ঠা ২২৫