منفر وان كان حسنا فأولى بالتنزيه المنفر القبيح.
وأيضا فان النبي (صلى الله عليه وآله) يستحق التعظيم على الاطلاق والاستخفاف به كفر، ولو كان ممن يصح منه القبيح لوجه، توجه الاستخفاف اليه متى أوقعه، وكونه مستحقا لمطلق التعظيم مانع من ذلك، فاقتضى هذا الاعتبار أن لايبعث الله تعالى من يعلم من حاله ايثار شيء من القبيح، لقبح تحريم الاستخفاف والحكم بكفر فاعله مع وجوب فعله.
ولا طريق إلى معرفته الا ظهور المعجز عليه، أو نص من علم صدقه عليه، لتعلق دعوته بما لا يعلمه الا القديم سبحانه، فيجب وقوف تصديقه عليه سبحانه، ولا أمر يصح كونه برهانا من قبله تعالى على صدقه الا فعل مختص بمقدوره تعالى ينوب مناب قوله تعالى: صدق هذا على فيما يؤديه عنى، مختص بدعوته أو دعوة من نص على نبوته، اذ لا فرق في تصديق من ادعى الارسال من بعض الملوك الحكماء بين ان يقول: صدق هذا المدعي، أو يفعل ما يجعله دلالة على صدقه مما لم تجر عادته به، وكذلك حكم النص المدلول على صدقه في كونه نائبا مناب التصديق بنفس القول أو الفعل الخارق للعادة.
ويفتقر المعجز الدال على صدق المدعي إلى شروط ثلاثة: أحدها أن يكون خارقا للعادة، وثانيها أن يكون مختصا بمقدوراته سبحانه، وثالثها أن يكون متعلقا بدعواه.
واعتبرنا الشرط الاول، لان المعتاد وان كان مختصا به سبحانه كخلق الولد عند الوطي ونبات الحب عنه الحرث والسقي وطلوع الشمس من المشرق، لا يقف على مدع ولا يميز صادقا من كاذب، ومن شرط المعجز الابانة وطريق ذلك اعتبار ماجرت العادة به وكون الحادث خارجا عنها، كفلق البحر وحمل الجبل وقلب العصا حية.
পৃষ্ঠা ৬৮