١٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب ﵁ يُرِيدُ الشَّامَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ لَقِيَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ أَنْ يَمْضِيَ، فَقَالُوا: خَرَجْتَ لأَمْرٍ وَلا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَرَى هَذَا الرَّأْيَ أَنْ نَخْتَارَ دَارَ الْبَلاءِ عَلَى دَارِ الْعَافِيَةِ، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ غَائِبًا، فَجَاءَ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي عِلْمًا مِنْ هَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبَحُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ﷿؟ فَقَالَ عُمَرُ ﵁: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهُمَا خَصِيبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ لَهُ أَيْضًا: أَرَأَيْتَ لَوْ رَعَى الْجَدْبَةَ، وَتَرَكَ الْخَصْبَةَ أَكُنْتَ مُعَجِّزَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَسِرْ إِذًا.
فَسَارَ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَحِلُّ، أَوْ قَالَ: الْمَنْزِلُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ