ويبدو أن الرجل كان راكبا فرسه يتنزه ذات يوم، فوجد المشاية واصلة إلى السور، وظل يسب ويرطن أياما، وظل كذلك يكظم غيظه، وقد أصبحت المسألة مسألة كرامة وعند وتحد من الفلاحين العبط، فانتقى من بين خفرائه ثلاثة طوالا عراضا وقال لهم: خراب بيوتكم إن نفذ أحد.
ويوم السوق تلكأ الطابور لأول مرة وما لبث أن توقف؛ فقد نشبت عند السور خناقة كبيرة، وفي الضحى حمل الطوال العراض إلى السراية ودمهم يسيل.
واستعاد الطابور بقية اليوم سيره وسرعته، وطاب الخفراء وعادوا يحرسون الثغرة، ونشبت معارك أقل حدة، وتلكأ الطابور مرارا، ثم كف عن تلكئه واستأنف سيره تحت وابل من حفن الجميز أو خيارتين أو طورة بلح أو نفس دخان أو حتى عواف عليكو يا رجالة.
وذات مرة رأى صاحب الأرض خفراءه جالسين يستظلون بشجرة الجميز وتأتيهم المنح من الذاهب إلى السوق والعائد منه، فطرد الخفراء وأحضر بنائين وأحجارا وبنى ذلك الحائط العالي الذي أغلق الفجوة تماما وجار على ما حولها، وأغلق كذلك كل فجوة في نفسه ممكن أن يتسرب منها الشك في احتمال فشل الحائط.
ولم يكد سبت واحد يمضي حتى اكتشف الرجل مخبولا أن الخشبة التي بجوار الحائط تماما قد كسرت، وأن فجوة جديدة قد صنعت.
وأقسم يومها أن يبيع السوق.
ولم يتح له أن يبر بقسمه؛ إذ استولت عليه شركة الأسواق بناء على مرسوم وامتياز وبأقساط طويلة الأجل.
ومع أن الشركة قد أقامت بدلا من الخشب سورا من حديد كلما بلي جددته، ومع أنها لم تركب رأسها كالصاحب القديم فتستأجر فتوات أو تقيم حيطانا، بل استعانت بالمركز فجعل لها كل سبت كوكبة صغيرة من الخيالة تجوب السور رائحة غادية.
مع هذا إلا أنك إذا وقفت في الصباح الباكر من أي سبت، فسوف تجد المشاية تحفل بالطابور الذي لا تعرف كيف يبدأ، ولكنك تراه ينتهي في السوق من خلال السور.
ودائما ستجد هناك حديدة مكسورة.
অজানা পৃষ্ঠা