78

জুহা দাহিক মুধিক

جحا الضاحك المضحك

জনগুলি

إن تاجرا ذبح معزة ومر به مسكين، فجلس إلى جانب القدر لعله يستسيغ الخبز القفار باستنشاق رائحتها، ثم لقي التاجر فقال له: إنك أيها السيد قد أحسنت إلي أمس إذ منحتني رائحة معزتك فاصطنعت بها هنيئا. فأخذ التاجر بتلابيبه وهو يقول له: الآن علمت كيف ضاعت النكهة من لحمها، فقد اختلستها أنت إذن ولا ندري. وساقه إلى هارون الرشيد - وقد كان شديد المحاباة للتجار - فحكم على المسكين بتغريمه اثنتي عشرة روبية يأخذها التاجر ثمنا لنكهة ذبيحته، وخرج المسكين يبكي لأنه لا يملك فلسا من هذه الغرامة، فوجد أبا نواس في الطريق وعطف عليه أبو نواس حيث علم منه سبب بكائه، ووعده أن يساعده، ثم أعطاه اثنتي عشرة روبية وأوصاه أن يغدو بها إلى السلطان ولا يؤديها له حتى يحضر هو مجلسه. ثم كان الغد فجاء إلى المجلس ورأى المسكين يعد الدراهم فأخذها منه ورنها على الأرض، وسأل التاجر: أسمعت رنينها؟ قال: نعم. ومد يده إلى الدراهم يريد أن يقبضها، فرده أبو نواس وصاح به: حسبك، لقد وصل إليك الثمن رنينا برائحة، فإذا كان المسكين قد شبع من رائحة طعامك فأنت حري أن تملأ يدك من رنين دراهمه، وترك الروبيات للمسكين، وانصرف إلى داره.

هذه نادرة تروى في سواحل أفريقيا الشرقية، ويتحدثون فيه بالروبيات وهم يذكرون نقود بغداد، وهذه النادرة بشيء من التصرف فيها تروى في قصص جحا وتروى في قصص رابليه.

ومن النوادر ما يتوارد في خرافات إيسوب وحكايات ألف ليلة، كحكاية الحمار والثور مع صاحب الزرع، وقد جاءت في أوائل ألف ليلة بالعبارة الآتية:

اعلمي يا ابنتي أنه كان لبعض التجار أموال ومواش، وكان له زوجة وأولاد، وكان الله تعالى أعطاه معرفة الحيوانات والطير، وكان مسكن ذلك التاجر الأرياف، وكان عنده في داره حمار وثور، فأتى يوما الثور إلى مكان الحمار فوجده مكنوسا مرشوشا وفي معلفه شعير مغربل وهو راقد مستريح، وفي بعض الأوقات يركبه صاحبه لحاجة تعرض له ويرجع على حاله، فلما كان في بعض الأيام سمع التاجر الثور وهو يقول للحمار: هنيئا لك ذلك، أنا تعبان وأنت مستريح تأكل الشعير مغربلا ويخدمونك، وفي بعض الأوقات يركبك صاحبك ويرجع، وأنا دائما للحرث والطحن. فقال له الحمار: إذا خرجت إلى الغيط ووضعوا على رقبتك الناف فارقد ولا تقم ولو ضربوك، وامتنع عن الأكل والشرب يوما أو يومين أو ثلاثة، فإنك تستريح من التعب والجهد. وكان التاجر يسمع كلامهما، فلما جاء السواق إلى الثور يعلفه أكل منه شيئا يسيرا فأصبح السواق يأخذ الثور إلى الحرث فوجده ضعيفا، فقال له التاجر: خذ الحمار وحرثه مكانه اليوم. فلما رجع آخر النهار شكره الثور على تفضلاته حيث أراحه من التعب ذلك اليوم، فلم يرد عليه الحمار جوابا وندم أشد الندامة، فلما كان ثاني يوم جاء المزارع وأخذ الحمار وحرثه إلى آخر النهار، فلم يرجع الحمار إلا مسلوخ الرقبة شديد الضعف، فتأمله الثور وشكره وحمده، فقال الحمار: اعلم أني لك ناصح، وقد سمعت صاحبنا يقول: إن لم يقم الثور من موضعه فأعطوه للجزار ليذبحه ويعمل جلده قطعا، وأنا خائف عليك ونصحتك والسلام. فلما سمع الثور كلام الحمار شكره وقال: في غد أسرح معهم. ثم إن الثور أكل علفه بتمامه حتى لحس المذود بلسانه، فلما جاء النهار خرج التاجر وزوجته إلى دار البقر وجلسا، فجاء السواق وأخذ الثور وخرج، فلما رأى الثور صاحبه حرك ذنبه وبرطع، فضحك التاجر حتى استلقى على قفاه.

هذه القصة جاءت متصلة بغيرها في ألف ليلة وليلة لمناسبة تجر وراءها مناسبة أخرى على الأسلوب المطرد في تسلسل الروايات بألف ليلة وليلة، ولكنها جاءت في خرافات أيسوب منفردة، على اختلاف المغزى، بالعبارة التالية:

كانت معزة وحمار في حوزة صاحب واحد، وكانت المعزة تغار من الحمار لأنه كان وافر الطعام يكفيه ويفيض منه، فقالت له: إن حياتك نصب دائم، تدير الطاحون وتحمل الأثقال، فأنصح لك بأن تجمح يوما وتسقط في حفرة تستريح بعدها، فعمل الحمار بنصيحة المعزة وأصيبت رجله إصابة بالغة من جراء سقطته، وأرسل صاحبه في طلب البيطار ليسأله رأيه، فوصف البيطار للحمار مرقا من طحال معزة وقال إنه دواء صالح لعلاج دائه، فذبحوا المعزة لمداواة الحمار.

والمغزى من هذه الحكاية أن «من نصب فخا لغيره جر البلاء على نفسه». وفي خرافات أيسوب نوادر أخرى يقل فيها التحوير ويتقارب فيها المغزى، مما تناقله المشارقة عن جحا وأمثاله، ومنها ما لم يرد في الخرافات القديمة كأنه أضيف إليها بعد عصر أيسوب أو بعد العصر المفروض له ولخرافاته، ومنها ما هو قديم منقول عن الحكمة الموضوعة على ألسنة الحيوان، وهي شائعة في الشرق من الصين والهند إلى البلاد العربية على اتساعها وتباعد أقطارها.

ولا نرانا في حاجة إلى انتظار عصر المطبعة أو عصر التأليف وتداول الكتب بين الأمم لتعليل هذا التوارد بين النوادر والحكايات في المشرق والمغرب، وبين القارات الثلاث من العراق إلى الأندلس وفرنسا إلى أفريقيا الشرقية؛ فإن انتقال هذه النوادر على طرق الرحلات والقوافل أسبق جدا من كل تأليف أو طباعة. وقد كان الرحالون يطوفون البلاد من أقصى العالم المعمور إلى أقصاه ولا سمر لهم في الرحلة أشهى ولا أدل على حنكة السائح وطول عهده بالترداد على البلاد من أحاديث الحكمة والفكاهة وأطوار الناس وغرائب الأقطار.

خذها شرودا في البلاد مقيمة

سمرا لذي سمر وزاد مسافر

অজানা পৃষ্ঠা