রাজনৈতিক ভূগোল
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
জনগুলি
ولسنا هنا بصدد مناقشة موضوع إسرائيل ككل، لكننا بصدد أن نوضح أن إسرائيل اليوم ليست ولا تمت بصلة سلالية أو حضارية إلى الدولة العبرانية القديمة، وأن التشابه بينهما سطحي وراجع فقط إلى رابطة الدين والمكان، ويكفي أن نعرف أن إسرائيل الحالية لا تعيش على مواردها المكانية المحلية، بل لا بد من أن تمتد موازناتها إلى المساعدات والمعونات الخارجية، بينما كانت الدولة اليهودية القديمة تعيش على مصادر الثروة المحلية فقط، وعلى هذا فإن التفسير التاريخي لأحداث السياسة يلقي بعض الضوء على الماضي ويختلف جذريا عن الحاضر بعلاقاته المختلفة.
إن الحتم التاريخي يمتد بمبادئه في أحيان كثيرة لكي يستخلص قواعد جغرافية وبيئية تفسر نمو الأمم والدول إلى حدود لا تستطيع أن تمتد بعدها، ومن الأمثلة على ذلك أنه يحلو للبعض أن يفسر توقف الدولة الإسلامية العربية عند معركة تور-بواتيه في فرنسا بأن العرب والإسلام غير متكيف مع بيئات غير البيئة الطبيعية للنطاق الصحراوي وهوامشه، وبذلك فإنه توقف وانسحب حينما خرج خارج حدود تلك البيئة إلى غرب أوروبا، ولكن مثل هذه الدعوى الحتمية تحتاج إلى تعليلات أخرى إذا أريد تطبيقها على انتشار الإسلام في بيئات أخرى غير البيئة الصحراوية واستقراره فيها مثل المناطق الاستوائية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، والبيئة الموسمية في الهند، وبيئات أخرى في القوقاز والبلقان وإسبانيا.
إن التعنت الحتمي التاريخي الجغرافي لا يحسب حسابا للكثير من العناصر البشرية والحضارية والتكنولوجية، بل يحسب حسابا للمصادفات التاريخية أيضا، وفي حالة توقف الإسلام عند معركة تور-بواتيه يجب علينا أن نطرح عددا من الأسئلة: هل كان التوغل العربي حربا حقيقية أم مجرد مغامرة عسكرية؟ ما هي القوة العددية للعرب في تلك المعركة؟ هل بدا لهم ضرورة مواصلة القتال بعد هزيمتهم أم وجدوا ما يثبط هممهم؟
وعلى ضوء أن العرب دخلوا إسبانيا عام 711م، وأن هزيمتهم في فرنسا كانت عام 732م، فإن ذلك يعطينا صورة خلفية واضحة لمعركة تور-بواتيه، ففيما بين التاريخين عشرون سنة فقط، هل كانت حاسمة في تدعيم سلطات العرب في إسبانيا بحيث تصبح قاعدة أمامية لمزيد من التوسع في فرنسا؟
لو كان هناك تصميم مسبق على التوسع إلى فرنسا فإن هزيمة العرب في تلك المعركة لم تكن كافية لوقف التيار العربي، ففي الحروب تحدث انتصارات وهزائم متعددة قبل أن يتحدد مصير الحرب لصالح واحد من الفريقين المتصارعين، ومجرد هزيمة واحدة لا تنهي حربا حقيقية؛ ولهذا يجب أن نقول إن تور-بواتيه لم تكن سوى مواجهة هامشية بين العرب والفرنجة، مجرد احتكاك عسكري بعيد عن صورة المواجهة الحقيقية، وقد كان في الإمكان أن تصبح حملة طارق بن زياد على إسبانيا مماثلة لمواجهة تور-بواتيه، لكن تصادف النجاح أو الفشل في مثل هذه المواجهات الهامشية يؤدي إلى تغير جذري في النتائج بصورة لا تتناسب إطلاقا مع حجم المواجهة، فضلا عن غياب تصميم مسبق في مثل هذه المواجهات إلا في أضيق حدود الاستراتيجية، وكثير من المعارك الحاسمة كسبها أو خسرها موقف مغامر من أحد الضباط لا يرضى عنه القائد العام كتكتيك عسكري أصولي.
إن الأديان لا تعرف حدودا بيئية، والإنسان في مجموعه أيضا لا يعرف حدودا بيئية لانتشاره، بل هو دائم التكيف مع الإيكولوجيات الطبيعية المختلفة، وربط الإسلام بالعرب نظرة ضيقة جدا، فالدولة العربية الإسلامية خارج الجزيرة العربية لم تنطو على طرد أو إبادة السكان الأصليين وحلول العرب محلهم، بل إن هناك رواد العرب المسلمين الذين استقروا هنا وهناك بين منغوليا والأندلس وبقية الدولة الإسلامية التي تكونت من تحول السكان الأصليين إلى الإسلام، وكذلك كان يمكن أن يكون الحال في فرنسا وبقية أوروبا: رواد من مسلمي العرب وسكان فرنسيين أو غيرهم يتحولون إلى الدين الجديد، وهكذا تسقط حجة الحتميين التاريخيين والجغرافيين بأن للإسلام حدودا بيئية لا يتعداها! (3) المنهج المورفولوجي
يدرس هذا المنهج مشكلات الدولة السياسية من حيث الشكل بحيث تنطوي الدراسة على مجموعة من العناصر الجغرافية تنتظم تحت عنوانين رئيسيين هما النمط والقالب، والتركيب أو البناء.
وتشير الدراسة النمطية إلى الترتيبات والتنظيمات التي يكونها الارتباط السياسي للوحدات والأقاليم التي تكون الدولة، وإلى الارتباطات السياسية للدولة ككل في التكتلات السياسية الإقليمية من ناحية، والاتجاهات والتحالفات العالمية من ناحية ثانية.
أما التركيب أو البناء فإنه يشير إلى المظاهر المكانية التي تشترك فيها الوحدات السياسية مثل مراكز الثقل السكانية والاقتصادية داخل الدولة والعاصمة، ومكونات الدولة والحدود السياسية ومشكلات خاصة بالدولة كخطط التنمية ومشكلات السكان والاقتصاد والأقليات، وتدرس هذه العناصر أيضا على مستوى الدراسة المقارنة بين الدول المختلفة.
ومن الأمثلة على الدراسة السياسية على ضوء المنهج المورفولوجي نمط الدولة الإيطالية، فموقع إيطاليا يمكن أن يدرس داخل تنظيم إقليمي أوسع هو الاتحاد الأوروبي الاقتصادي، فلقد كسبت إيطاليا كثيرا نتيجة عضويتها للسوق الأوروبية المشتركة، مثلا صناعة الصلب في شمال إيطاليا ربحت مميزات كثيرة من بينها تخفيض أسعار النقل للحديد الخردة على السكك الحديدية من فرنسا إلى تورينو.
অজানা পৃষ্ঠা