রাজনৈতিক ভূগোল

মুহাম্মাদ রিয়াদ d. 1450 AH
184

রাজনৈতিক ভূগোল

الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط

জনগুলি

أما الأفكار الإقليمية في البناء السياسي الحديث فإنها - نظريا - تقوم على مشاركة متساوية للقوى السياسية داخل التكتل السياسي، ولكن مثل هذا التطبيق المثالي لم يحدث بعد، فلا تزال هناك فروق بين القوميات والشعوب التي يمكن أن تشكل بناء سياسيا إقليميا؛ إذ إنه في الغالب يحدث تميز لقومية لسبب أو لمجموعة من الأسباب: القوة العددية، درجة التعليم، الانتماء إلى المجموعة المحركة للبناء السياسي الإقليمي، من بين أسباب أخرى عديدة، ولا شك أنه لا تزال هناك بعض الفوارق بين قوميات الاتحاد السوفيتي الحالية، وإذا كان ذلك في بناء سياسي متعدد القوميات، فإن الموقف يصبح أكثر دعوة إلى اليأس حينما نرى قومية واحدة أنجلو أمريكية في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن المشاركة السياسية المتكافئة غير متوافرة لأقلية من الرعية الأمريكية بسبب لون البشرة، فالزنوج الأمريكيون ليسوا قومية مثل القوميات التي نجدها في الاتحاد السوفيتي، ليست لهم أرض خاصة، ولم يكن لهم وطن محدد داخل أمريكا أدمج فيما بعد داخل الدولة الأمريكية، وليست لهم لغة خاصة بهم، ولا تقليد حضاري يحتفظون به منذ تواجدهم في الأرض الأمريكية، وليست لهم ديانة خاصة يلتفون حولها، وباختصار فإن الزنوج الأمريكيين ليسوا كالأوزبك أو القرجيز أو الياكوت من قوميات الاتحاد السوفيتي، بل هم جزء لا يتجزأ من التجمع الحضاري الأنجلو أمريكي.

قد يبدو إذن أن التفريق والتمييز من طبائع البشر، أو من طبيعة الحياة، ولكن كثيرا ما تغيرت بعض الطبائع الفردية تحت ضغوط الحياة الجمعية التشاركية الإنسانية، وبذلك أصبح لكل مجتمع قوالب وأنماط سلوكية تحدد - بصورة عامة - طريقته في الحياة، فإذا اعتبرنا الدول والقوميات أفرادا في تجمع عالمي فالأرجح أن عددا من القوالب والأنماط سوف تتبلور لتحدد السلوك العام لهذه القوميات الأفراد في داخل المجتمع العالمي، وكما أن الأفراد لا يفقدون شخصياتهم وتفردهم في المجتمع البشري فإننا نتوقع ألا تفقد القوميات شخصياتها داخل المجتمع العالمي، وإذا كان المجتمع العالمي مطلبا بعيد المنال فإن المجتمع الإقليمي أقرب إلى التحقيق، وأكثر تمشيا مع ظروف الجغرافيا الطبيعية والبشرية عامة.

ليست الدعوة إلى تراكيب سياسية إقليمية نابعة من مجرد الخروج من مأزق القومية الضيقة الأفق، بل إن مثل هذه الدعوة ما هي إلا انعكاس للدافع الاقتصادي المعاصر، وقد ذكرنا أن ظهور القومية ارتبط بنشأة ونمو الاقتصاد الصناعي في القرن الماضي، وفي خلال القرن الحالي تغير الاقتصاد الصناعي تغيرا كميا بتغير التكنولوجيا في مجالات الإنتاج الزراعي والصناعي ونمو قطاع الخدمات بصورة مذهلة، وقد ترتب على ذلك تغير جوهري في تركيب وتوظيف القوى العاملة في الدول المتقدمة، قلت العمالة الزراعية بصورة مذهلة مع تزايد القدرة الإنتاجية نتيجة الآلية والأتوماتيكية في العمل الزراعي، وفي ذات الوقت نجد اتجاها مستمرا في زيادة حجم الحيازات الزراعية - سواء كانت ملكيات فردية أو شركات زراعية أو مشروعات تجميع زراعي أو مزارع تعاونية أو تابعة للقطاع الحكومي - وانكماشا مقابلا في عدد الحيازات الزراعية الصغيرة وعدد المزارعين ملاكا وأجراء، ومن الأمثلة الدالة على ذلك أن الريف الأمريكي يفقد سكانه باستمرار وتتضاءل أشكال السكن القروي، ويتجه الناس إلى السكن المدني والعمالة المدنية متعددة الأنواع.

هذا جانب واحد من جوانب التغير في المجال الاقتصادي، وقس على ذلك ما يحدث في مجالات النشاط الاقتصادي الأخرى، وكلها قد تضافرت على إحداث التغيرات الجذرية العديدة من البناء الاجتماعي، ومن ثم السياسي، داخل الدولة.

وخلاصة التغيرات الاقتصادية المعاصرة هو اتجاه إلى معامل ارتباط كبير ومتزايد بين إطارات مكانية أرضية واسعة وبين تكثيف الإنتاج وتنوعه وثقل متزايد على خطوط الحركة في شتى أشكالها واعتماد متضاعف على التبادل التجاري واتساع هائل في سوق الاستهلاك، وأخيرا ارتباطات وثيقة بين أسواق المال والاستثمار.

هذا الترابط بين الاقتصاد الحديث والمكان الجغرافي الواسع يتعدى بطبيعة الحال الحدود السياسية الراهنة للدول، ويسعى إلى تفكيك هذه الحدود والقوالب للوحدات الدولية لتسهل حركته وتشتد مرونته، وهو في هذا المنحى يشابه سعي الصناعيين الأول لتغير قوالب الاقتصاد والمجتمع الإقطاعي الزراعي الحرفي الذي كانت ترتكز عليه الدولة قبل الثورة الصناعية، فالثورة الصناعية الأولى قد نمت، أو نمت مع الدولة القومية كبناء اجتماعي سياسي يحمي الصناعة، والثورة الأوتوماتية التي نعيش مقدماتها تجد في الدولة القومية المعاصرة ما يقيد حرياتها وانطلاقها، ومن ثم فإن التكتل الاقتصادي في أوروبا الغربية أو أوروبا الشرقية ما هو إلا تعبير من نوع ما عن الرغبة في إيجاد صيغة جديدة لتعايش البناءين الاقتصادي والسياسي معا.

ومما يعجل بالسعي إلى إيجاد أشكال متناسقة بين الأوضاع السياسية والاقتصادية أن التيارات الثقافية والفكرية وانتشار نمط التعليم الحديث من بين عدد آخر من العوامل الحضارية قد أخذت تغزو أجزاء العالم، مما يزيد من التقارب بين الشعوب والقوميات، ويعطي العوامل الاقتصادية دوافع أخرى ترتكز عليها وتدعمها في سبيل التراكيب السياسية الإقليمية.

وأخيرا لا ينبغي أن نغفل مؤشرا من مؤشرات التقارب الدولي في صورة كتل، ذلك هو أن الحدود السياسية للدول المندمجة في تنظيمات دفاعية قلت أهميتها كثيرا؛ لأن استراتيجية مثل هذه التنظيمات والدول المتحالفة تأخذ حدود التحالف الأرضي والجوي والبحري في إطار متكامل بغض النظر عن الحدود الفردية، فحدود ألمانيا الغربية والشرقية المشتركة أكثر أهمية وحساسية لدول حلف الأطلنطي أو حلف وارسو من حدود فرنسا أو حدود بولندا، وإلى جانب ذلك فإن تكنيك الحرب الحديثة قد جعل من المستحيل - أو يكاد - على دولة واحدة أن تحمي نفسها بنفسها دون أن يكون هناك اتفاق عالمي على حيادها وعدم المساس بها، وفي الحقيقة أصبح من الواجب إعادة النظر في قيمة الحدود الدفاعية على ضوء متغيرات عدة على رأسها تكنولوجية الحرب والائتلافات والتكتلات الدولية التي توجد الآن على مستوى أعلى من مستوى الدولة القومية التقليدية.

هوامش

القسم الثاني

অজানা পৃষ্ঠা