রাজনৈতিক ভূগোল
الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
জনগুলি
كانت الحدود الأمريكية المكسيكية المرتبطة بمسار نهر ريوجراندا مشكلة من مشاكل تغير مجرى النهر، وتوضح الخريطة 12 جزءا من مسار النهر عند مدينة البازو الأمريكية، وكيف تغير المجرى مرات عديدة سنوات 1852، 1889، 1930، وما هذه الخريطة إلا نموذج للتغيير الذي كان يكتنف مسار النهر كله، وبطبيعة الحال كان خط الحدود يتغير مع مسار النهر ويطول أو يقصر مع كثرة الثنيات المستحدثة، ولهذا قررت الحكومة الأمريكية في عام 1933 إنشاء هيئة لضبط فيضان ريوجواندا وتقصير المسار بحفر مجرى مستقيم عند الثنيات، وبذلك تقصر أطوال الحدود التي ثبتت في وسط المجرى العميق، وفي عام 1963 تنازلت الولايات المتحدة عن مساحة قدرها 437 فدانا إلى المكسيك كانت في جنوب النهر حتى عام 1864 ثم أصبحت شماله بعد أن غير النهر مجراه.
وإذا تصورنا أن حدا سياسيا كان يرتبط بمسار هوانجهو في شمال الصين، فإن تغير مسار النهر في مجراه الأدنى كان سيؤدي إلى كارثة سياسية؛ لأنه كان يبتعد عدة مئات من الكيلومترات في بعض السنوات عن مساره الأول (انظر الخريطة 15)، وقد أمكن في الوقت الحاضر ضبط مسار النهر على النحو الظاهر في الخرائط ليس تجنبا للكوارث السياسية، وإنما للكوارث الاقتصادية والسكانية الهائلة التي كانت تحدث بصفة مستمرة.
وإلى جانب التغيرات التي تحدث في مسارات الأنهار، فإن هناك مشكلة أخطر، فالغالب أن أودية الأنهار في مساراتها الوسطى والدنيا هي مناطق عامرة بالسكان على كلا جانبي النهر، وغالبا ما يرتبط العمران بعضه بالبعض الآخر وترتبط المصالح الاقتصادية بين سكان الضفتين، ويصبح النهر وسيلة للربط والاتصال بدلا من الفصل، ويترتب على ذلك في غالبية الأحوال أن تصبح مناطق الأودية النهرية من عوامل تكوين حضاري اقتصادي متشابه، فإذا ما جرى الحد السياسي وسط هذه المنطقة الحضارية الواحدة فإن ذلك لمما يؤسف له.
وبرغم كل هذه العيوب نجد أن الأنهار كثيرا ما تتخذ حدودا سياسية من أجل الراحة والتسهيل السياسي، مثال ذلك أن القوى الاستعمارية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية قد استخدمت الأنهار بكثرة لتحديد مناطق النفوذ؛ لأنها ظاهرات طبيعية موجودة وواضحة، ومن ثم كان يسيرا على هذه القوى أن تتفق فيما بينها على حدود لا تخطئها العين، ولكن مثل هذه الحدود سببت كثيرا من التفرقة بين المجتمعات فقسمتها بين نوعين من الاستعمار، كما هو الحال حينما وجد الباكونجو أنفسهم مقسمين إلى ثلاث تبعيات استعمارية: البرتغال في أنجولا وكانبدا، والبلجيكيون في زائيري الحالية، والفرنسيون في كنغو برازافيل.
ولا شك في أن مسار النهر يصبح حدا سياسيا جيدا إذا ما تصادف أنه حد لغوي أو إتنولوجي، ولكن ذلك قليل مثل حدود البلغار والرومان على جانبي الدانوب، ولهذا تلجأ الدول التي تصل بحدودها إلى نهر ما إلى محاكاة التطور الحضاري البطيء بأسلوب سريع، ذلك هو تهجير السكان الأصليين من مواطنهم وتوطين أبناء الدولة محلهم، وبذلك يصبح مسار النهر مرتبطا بالحد السياسي والقومي، مثال ذلك إعادة توطين الأتراك واليونانيين شرق وغرب نهر مارتيزا بعد أن هزمت تركيا في الحرب العالمية الأولى وقرر الحلفاء مد حدود اليونان في تراقيا إلى ذلك النهر، ومثل ذلك تهجير الألمان من معظم المنطقة التي تقع شرق الأودر ورافده نيسه بعد الحرب العالمية الثانية وتوسيع حدود بولندا غربا إلى مسار هذا النهر.
وفي بعض الأحيان تتخذ البحيرات أجزاء من مسارات الحدود، وتعد سويسرا بين الدول القليلة التي تمتد أطوال كثيرة من حدودها في البحيرات: بحيرة بودن بين النمسا وسويسرا وألمانيا، بحيرة أيان بين فرنسا وسويسرا، وبحيرتا ماجوري ولوجانو بين سويسرا وإيطاليا. وتمتد الحدود الكندية الأمريكية في جزء منها بطول البحيرات العظمى كلها عدا بحيرة مشجان، وفي أفريقيا تماثل أوغندا سويسرا؛ فهناك حدودها الطويلة على بحيرة فكتوريا وبحيرتي إدوارد وألبرت. وتمتد الحدود التانزانية بأطوال كبيرة داخل بحيرات فكتوريا وتنجانيقا ونياسا، والأمثلة كثيرة في أفريقيا (تشاد - نياسا - بنجويلو ... إلخ)، وبرغم أن البحيرات أصلح من الأنهار كحدود سياسية، بحكم اتساع مسطحها كما وأن معظمها يقع في مناطق جبلية وعرة، إلا أن لها مشاكلها الأخرى، فتقسيم البحيرات بين وحدات سياسية غالبا ما يحرم الدول من القيام بأعمال هندسية كبناء السدود ورفع مستوى المياه من أجل توليد الطاقة إلا باتفاقات مسبقة، وكذلك لا يمكن استغلال الثروة السمكية أو المعدنية - إن وجدت - إلا باتفاقات مسبقة أيضا، وفضلا عن ذلك فإن البحيرات تكون مجالا للتهريب - البضائع والأشخاص - لا يسهل التحكم فيه. (ب) سواحل البحار والحدود السياسية
تشكل السواحل البحرية خطوطا طبيعية مناسبة لامتدادات السيادة القومية للدول، ربما هي أكثر وضوحا وتحددا من الجبال والأنهار، فساحل البحر، ولو أنه في حد ذاته منطقة انتقالية طبيعية وليس خطا فاصلا، إلا أنه في الواقع يفصل فصلا واضحا بين نوعين منفصلين من البيئة: اليابس الأرضي والمسطح المائي المالح، أما الجبال فهي ظاهرة تضاريسية انتقالية عريضة داخل اليابس، ولا تختلف عن اليابس في تكوينها، إنما الاختلاف يكمن في ارتفاع مناسيبها عن الأرض المحيطة بصورة تدريجية أو شبه فجائية، والأنهار مجار مائية محدودة العرض تحتل مناطق ذات مناسيب منخفضة نسبيا عن الأرض المحيطة، وغالبا ما يكون الانخفاض تدريجيا بحيث تكون أودية الأنهار نطاقات انتقالية تدريجية في الظاهرات الجغرافية الطبيعية والبشرية، أما البحار فهي تكون فعلا مناطق انقطاع تامة بين إيكولوجيتين مختلفتين تماما: الحياة الأرضية حيث يعيش الإنسان وتتكون الدول والقوميات، والحياة البحرية حيث لا يعيش الإنسان إلا انتقاليا لفترات محدودة جدا من العمر.
خريطة (14): نموذج للتغيرات في مسارات الأنهار. نهر ريوجراندا بين المكسيك والولايات المتحدة عند البازو.
خريطة (15): التغيير القديم للمجرى الأدنى لنهر هوانجهو في شمال الصين . (2-4) مواقع البحار وعلاقتها ببساطة الحدود السياسية البحرية وتعقدها
على هذا النحو فإن سواحل البحار هي عادة حدود طبيعية طيبة، ولكن جودة مثل هذه الحدود تكمن في تناسب علاقة اليابس والبحر ونوعية البحار المطلة عليها أراضي الدول، وبذلك فإن هناك بحار اتصال وبحار انفصال. (أ) بحار الاتصال
অজানা পৃষ্ঠা