জুগরাফিয়া ইকতিসাদিয়া
الجغرافيا الاقتصادية وجغرافية الإنتاج الحيوي
জনগুলি
ولذلك فإن مناطق الصناعة - رغم صغر مساحتها - تكون أقاليم متميزة، بل عوالم لها صفاتها الخاصة الاجتماعية والاقتصادية، فمثلا منطقة الرور في ألمانيا أو برمنجهام في بريطانيا أو بتسبرج في الولايات المتحدة لا تساوي إلا مساحات صغيرة جدا من مجموع مساحات ألمانيا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة، ومع ذلك فلقد أدى نشوء هذه العوالم الجديدة إلى نشوء فروع وأقسام جديدة تماما في المعارف الإنسانية، فعلم السكان المدني وعلم النفس الصناعي أمثلة قليلة على مدى الإضافات الحديثة للعلوم الإنسانية إذا ما تركنا كل العلوم التجارية والهندسية والقانونية المترتبة على نشوء الصناعة جانبا.
وفوق كل هذا؛ فإن الصناعة قد سببت أو كانت فعلا المحرك الحقيقي لنشوء نظرية جديدة كل الجدة على العالم هي التي صاغها كارل ماركس وتلاميذه، وانتهت إلى تقسيم العالم إلى معسكرين عالميين؛ المعسكر الاشتراكي الذي يتغير تحت سمعنا وبصرنا، والمعسكر الغربي بما فيه من اتجاهات تحاول أن تكسب المعركة ضد الاشتراكية بوسائل شتى تبدأ من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في تقارب أصبح واضحا في أوروبا الشرقية بصفة خاصة.
وكما بدأت الصناعة في صورة مقدمات الصناعة في خلال العصور التاريخية منذ نشأة الزراعة الكثيفة: احتياج الإنتاج إلى أدوات ظلت تتطور من الخشب إلى المعدن، واحتياج الدول الزراعية إلى أسلحة تدفع بها عن نفسها غارات الجيران أو تتسع على حسابهم، واحتياج السكان المستقرين إلى بيوت دائمة بدلا من الأكواخ أو الخيمة؛ فإن ميدان الخدمات قد بدأ بداية مبكرة في العصور الوسطى الأوروبية والإسلامية؛ متمثلا في صور أولية من الأعمال البنكية والتأمين والتسليف.
وقد زادت هذه الخدمات في الفترة التي تلت الكشوف الجغرافية وتراكم الثروة في أوروبا نتيجة شحن الذهب والفضة وغير ذلك من المعادن والجواهر من العالم الجديد إلى إسبانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا، وعدد من بيوت المال العالمية المعاصرة ترجع في أصولها إلى بضعة قرون خلت مثل بنك روتشلد في فرنسا.
ولقد زاد قطاع الخدمات في العالم بعد الصناعة زيادة كبرى، وأخذت أشكاله قواعد علمية وصبغات دولية؛ فالبنوك وشركات التأمين أحد مظاهر هذا التطور الحديث في عالمنا المعاصر مرتبطة بمراكز عالمية لإعادة التأمين أو بنوك مركزية.
ومع تطور علاقات الدول وازدياد النشاط التجاري وترابط السوق العالمية، ظهرت إلى الوجود حاجات جديدة تدخل في قطاع الخدمات، ومن أهم هذه الخدمات التعليم والصحة والمواصلات، وأخيرا انتشار التخاطب العالمي بواسطة اللاسلكي وأجهزة الراديو والتليفزيون والصحافة والأقمار الصناعية.
ومع الضغط الشديد الذي تفرضه الحياة المعاصرة أصبحت السياحة والاصطياف جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان، مما اقتضى نمو هذا النوع كجانب هام من الخدمات، هذا فضلا عن الخدمات المرتبطة بالتسويق والإنتاج كجمعيات التعاون التي تطورت إلى حركة التعاون الزراعية والصناعية وبورصة الأسعار واتحادات الصناعات وغير ذلك. (4-4) الزراعة ومفهوم التخلف
لقد ارتبطت الزراعة في المفهوم السياسي والشعبي في معظم جهات العالم في الوقت الحاضر بالتخلف الاقتصادي؛ فالدولة التي لا توجد بها صناعة تسعى جاهدة لإقامة الصناعة داخل أراضيها، ولا شك أن سبب هذا الاندفاع نحو الصناعة مرتبط بحركات التحرر من الإطارات الاحتكارية الصناعية الكبرى التي بدأت بالاستعمار في صوره الأولى في القرون الثلاثة الماضية، وانتهت بتجمعات دول الصناعة في صورة أسواق احتكارية كبرى من أهمها وأوضحها السوق الأوروبية المشتركة.
ومما لا شك فيه أن المجتمع الريفي، حتى في أكثر دول العالم تقدما من الناحية التكنولوجية، له مميزات مختلفة عن مجتمعات المدينة للدرجة التي أدت إلى استخدام مصطلح فلاح أو مزارع مرادفا للتجمد والمحافظة أو التخلف.
ورغم إن ذلك المفهوم قد انتقل من المجتمع الصناعي الرأسمالي إلى بدايات تكوين النظرية الماركسية وتطبيقاتها الأولية في الاتحاد السوفييتي والصين، فإن الماركسية والاشتراكية في صورها العديدة (باستثناء الأحزاب الاشتراكية في دول أوروبا الغربية والوسطى) قد أضافت الفلاحين إلى العمال في حزمة ثورية واحدة، ولا شك أن ذلك مرتبط أساسا بدور الفلاحين الثوري الذي اتضح خلال الحرب العالمية الثانية (في يوجسلافيا السابقة ودول شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي السابق) وفي الصين وجنوب شرق آسيا (الذي يتكون السواد الأعظم من سكانها من الفلاحين، وقلة قليلة من العمال في صناعات محدودة)، وكذلك في جهات أخرى من العالم (كوريا وأمريكا اللاتينية وأجزاء من العالم الغربي).
অজানা পৃষ্ঠা