105

Journal of Islamic Research

مجلة البحوث الإسلامية

জনগুলি

وفصيح اللغة، وبخلوه من الحشو ومن الصور الخطابية العاطفية التي تعتمد على العاطفة وحدها دون العقل. وبتعبير آخر: أنه يتجلى في أسلوب الحديث النبوي العقل الناطق بأبلغ وأوجز تعبير معتاد. أما أسلوب القرآن فيتجلى فيه الابتكار الذي لم يعهد له مثيل، ولا يشبهه شيء من كلام العرب في طرائق بيانه ومناهج خطابه.
اختلاف الأسلوب ينم عن اختلاف الذاتية هذا وإذا كان كل أسلوب بياني يشف عن ذاتية وشخصية في المتكلم فمن وراء ذلك التفاوت العظيم في أسلوبي القرآن والحديث النبوي من الوجهة البيانية يستشف القارئ والسامع تفاوتا أعظم منه في هذه الذاتية التي ينبئ عنها الكلام. فعندما تسمع القرآن تتجلى لك من خلال آياته ذاتية تتكلم من جو علو وقوة، وسطوة، وقدرة، وحكمة ورحمة. وهذه الذاتية القوية العظمى التي تتجلى من وراء أسلوب القرآن لا تضعف حتى في المواطن التي تعبر فيها عن الرحمة، وأن قوتها واحدة في جميع سوره وآياته. فهي دائما ذاتية جبارة قادرة منتقمة عادلة حكيمة رحيمة، آخذة بزمامين من الترغيب والترهيب، ذات سلطان مطلق. فانظر وتصورها مثلا من خلال نحو الآيات التالية: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (١) ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ (٢) ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (٣) ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٤) ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (٥) ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (٦) ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ (٧) ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (٨) ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (٩) ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (١٠) ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (١١)

(١) سورة البقرة الآية ٢٥٧ (٢) سورة الإسراء الآية ١٦ (٣) سورة الإسراء الآية ٢٣ (٤) سورة الحجر الآية ٩ (٥) سورة البقرة الآية ٢٥٥ (٦) سورة الأنبياء الآية ١٠٧ (٧) سورة فاطر الآية ٤٤ (٨) سورة فاطر الآية ٤٥ (٩) سورة الحشر الآية ٢٢ (١٠) سورة الحشر الآية ٢٣ (١١) سورة الحشر الآية ٢٤

1 / 107