فإني كنت سمعت كثيرا من أخبار مولانا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين المنصور بالله: القاسم بن محمد بن رسول الله سلام الله عليه ورحمته وبركاته من أصحابه الفضلاء والقادة النبلاء، وكانت ظاهرة عند الملأ معروفة عند العقلاء، فما زال الموت يأخذ ودائعه، ويذيق الأول فالأول فجائعه، فنظرت فما كنت أعرفه منهم بما كأني شاهده معهم، وإذا النسيان أخذ أكثره، وقد مضى من المعارف ما كان أظهره، وكنت لا أعد حفظي في جنب حفظهم شيئا، ولا أتكلم في محضرهم، وإن كنت فيهم حياء لحقارتي وجلالتهم، وقصوري عن محلهم، فأردت أن أحفظ ما بقي من أخبارهم على سبيل الجملة لئلا تذهب بالجملة، ورضيت بالقليل أحفظه لعقبي، مما أكتبه بقصور أدبي، لئلا يذهب الكثير مع القليل، ويخفى ما كان إليه من السبيل، والله تعالى أقصد فيما كتبت، وثوابه أطلب فيما حصلت، وجعلته توقيعا لسرد الجمليات لقصور الباع عما يفعله أهل هذه الصناعات، ليقتدي بهم المقتدي، ويهتدي إلى آثارهم المهتدي.
وقد تقدم ما حضرني من جمل أخباره -صلوات الله عليه-، وختمت ذكره -صلوات الله عليه- بدعوة ولده مولانا، وإمامنا، وقدوتنا، ووسيلتنا إلى ربنا الإمام الأعظم، والحجة لله في زمنه على العرب والعجم، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين المؤيد بالله: محمد بن أمير المؤمنين المنصور بالله: القاسم بن محمد بن رسول الله.
[2أ]وصفة قيامه ومن حضر دعوته، وأجاب واعيته من الفضلاء الأعلام والجهابذة الكرام، وتاريخ قيامه، قد ذكرنا شدة الوقت الذي توفي فيه الإمام -عليه السلام- وقوة شرة الطغام، فإنا سمعنا عن كثير من كتابهم أن عدة جنود الظالمين في اليمن من المدائن والحصون والبنادر والبلاد ومن صار إليهم من شرار العرب سبعون ألفا والله أعلم.
পৃষ্ঠা ২